انطلقت مساء السبت العاشر من مايو 2025 في العاصمة القطرية الدوحة فعاليات مؤتمر الحوار العربي الإيراني الرابع تحت شعار "علاقات قوية ومنافع مشتركة"، ويستمر المؤتمر حتى الثاني عشر من الشهر نفسه، ويشارك فيه ممثلون رفيعو المستوى من وزارات الخارجية والبرلمانات ومراكز الأبحاث من مختلف الدول العربية وإيران، ويهدف المؤتمر إلى فتح قنوات تواصل جديدة بين الجانبين، وتخفيف حدة التوترات السياسية والأمنية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية .

 

في الجلسة الافتتاحية، ألقى وزير الخارجية القطري كلمة أكد فيها أهمية الحوار المباشر والصريح بين الدول العربية وإيران، مشيرًا إلى أن التحديات المشتركة مثل الأمن الإقليمي، والاقتصاد، والتغير المناخي، تتطلب تعاونًا جماعيًا، وأوضح أن المؤتمر يمثل فرصة لإعادة بناء الثقة، وتجاوز الخلافات التاريخية، والعمل على أسس جديدة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة .

 

من جانبه، شدد وزير الخارجية الإيراني على أن بلاده تمد يدها إلى جيرانها العرب، وترغب في بناء علاقات قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون في مجالات الطاقة، والتجارة، ومكافحة الإرهاب، وأكد أن إيران تدعم أي مبادرة تهدف إلى استقرار المنطقة، وتؤمن بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات .

 

شهد المؤتمر حضورًا لافتًا من دول الخليج، حيث شارك ممثلون عن السعودية، والإمارات، والبحرين، والكويت، وعمان، وقطر، بالإضافة إلى ممثلين من العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، ومصر، والأردن، والمغرب، والجزائر، وتونس، والسودان، وليبيا، وقد أبدى العديد من المشاركين تفاؤلهم بإمكانية تحقيق تقدم في العلاقات العربية الإيرانية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة .

 

تناولت جلسات المؤتمر عدة محاور رئيسية، من بينها الأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي، والتحديات البيئية، والثقافية، والاجتماعية، كما تم بحث سبل تعزيز التبادل التجاري، والاستثمارات المشتركة، وتطوير البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والتعليم، والسياحة، وقد تم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لمتابعة تنفيذ التوصيات، ووضع آليات للتعاون المستقبلي .

 

على هامش المؤتمر، عقدت عدة اجتماعات ثنائية بين الوفود المشاركة، حيث التقى وزير الخارجية السعودي بنظيره الإيراني، وناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتخفيف التوترات في المنطقة، كما اجتمع وزير الخارجية المصري مع نظيره الإيراني، وبحثا القضايا الإقليمية، وسبل التعاون المشترك، وأكد الجانبان على أهمية استمرار الحوار، وتبادل الزيارات الرسمية .

 

يأتي هذا المؤتمر في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة، حيث تشهد المنطقة تحولات في التحالفات، وتغيرات في السياسات الخارجية، وقد اعتبر مراقبون أن انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت يعكس رغبة حقيقية من الطرفين في فتح صفحة جديدة، وتجاوز الخلافات، والعمل على بناء مستقبل مشترك يسوده السلام والاستقرار .

 

من المتوقع أن يصدر عن المؤتمر بيان ختامي يتضمن التوصيات والقرارات التي تم التوصل إليها، ويأمل المشاركون أن يكون هذا المؤتمر نقطة انطلاق لحوار دائم، ومثمر، يسهم في تحقيق تطلعات شعوب المنطقة، ويعزز من مكانتها على الساحة الدولية .

 

تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر هو الرابع من نوعه، حيث سبق أن عقدت ثلاث دورات سابقة في أعوام 2017، و2019، و2022، وقد شهدت تلك المؤتمرات تقدمًا تدريجيًا في بناء الثقة، وتوسيع مجالات التعاون، ويأمل المنظمون أن تكون هذه الدورة خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف الحوار، وترسيخ علاقات عربية إيرانية متينة .

 

في الختام، يعكس انعقاد مؤتمر الحوار العربي الإيراني في الدوحة رغبة مشتركة في تجاوز الخلافات، وبناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل، ويأمل الجميع أن تكون هذه المبادرة بداية لعهد جديد من التعاون، والتنمية، والاستقرار في المنطقة .