أطلقت حكومة المغرب اليوم في مدينة الداخلة حفل تدشين أول محطة تحلية مياه بحرية تعمل بالكامل بالطاقة الشمسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وعلى حدود الصحراء الكبرى، وقد شهد حفل الافتتاح حضور عدد من الوزراء والمستثمرين وممثلي البعثات الدبلوماسية الأفريقية والأوروبية وبدأت فورًا عمليات ضخ المياه المحلاة إلى شبكة التغذية المحلية لتلبية احتياجات السكان الزراعيين والحضريين في منطقة الداخلة وواد الذهب، ويهدف المشروع إلى توفير أكثر من 100 مليون متر مكعب من المياه سنويًا مع تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.

 

المواصفات التقنية والتشغيلية


تعتمد المحطة على تكنولوجيا التناضح العكسي المتقدمة في وحدات تحلية مياه البحر إضافة إلى ألواح شمسية فائقة الكفاءة تغطي مساحة إجمالية قدرها 200 هكتار ويبلغ الإنتاج اليومي للمحطة حوالي 300 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب والاستخدام الزراعي وقد ربطت وحدات التخزين الذكية بين طاقة الإنتاج الشمسي والطلب الفعلي لضمان عمل مستمر حتى في ساعات الذروة الليلية عبر البطاريات الكبيرة ونظام إدارة الطاقة المبني على الذكاء الاصطناعي لمراقبة الأداء وضبط الاستهلاك بدقة.

 

الشراكات الاستثمارية


تم تمويل المشروع من خلال تحالف بين صندوق الاستثمارات العامة المغربي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وبنك التنمية الإفريقي بالإضافة إلى مساهمة شركتين فرنسيتين متخصصتين في مجال الطاقة المتجددة والمياه المهندسة ويحق لكل شريك تبني جانب محدد من عملية الإدارة والتطوير وقد ربطت الاتفاقيات المعدلة مع مؤسسات التمويل العالمية شروطًا صارمة للتقارير الدورية حول الأداء البيئي والاجتماعي للمحطة.

 

التأثير الاقتصادي والاجتماعي


يساهم المشروع في خلق أكثر من خمسة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال مرحلة الإنشاء والتشغيل وتشمل فرص عمل في مجال الصيانة الهندسية وإدارة المحطة والتكنولوجيا الزراعية يستخدمها المزارعون في المنطقة لاستصلاح آلاف الهكتارات من الأراضي الصحراوية لزراعة المحاصيل ذات الطلب العالمي العالي كما يُسهم في دفع عجلة التنمية المحلية عبر دعم قطاع السياحة البيئية في الداخلة وواد الذهب.

 

الأثر البيئي والاستدامة


أوضحت وزارة الطاقة والمعادن أن عرض المشروع يوفر نحو 200 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا مقارنة بمحطات تحلية تعمل بالغاز الطبيعي ويعزز اعتماد المغرب على مصادر الطاقة النظيفة في تحقيق أهداف الاتفاقيات الدولية للمناخ كما يُعتبر نموذجا يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعاني من ندرة المياه ويهدف إلى نقل التقنية لبلدان ساحلية أخرى عبر برامج التعاون التقني والتدريب على تشغيل المحطات الشمسية وتحلية المياه.

 

ردود الفعل الإقليمية والدولية


لاقى المشروع إشادة واسعة من الحكومات الإفريقية المجاورة التي اعتبرته نقلة نوعية في معالجة أزمة المياه المشتركة مع الساحل الإفريقي كما أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي في المغرب عن دعمها لمبادرات الدمج بين الطاقة النظيفة وتحلية المياه واعتبر خبراء الأمم المتحدة أن محطة الداخلة قد تشكل نقطة انطلاق لمشروعات أكبر في خليج غينيا والقرن الإفريقي مع احتمالية تبنّي تقنية مماثلة في اليمن وعُمان.

 

نظرة مستقبلية


تخطط الحكومة لتعزيز المشروع بإضافة خطي إنتاج جديدين بحلول عام 2028 لرفع إجمالي الإنتاج إلى 900 ألف متر مكعب يوميًا وتوسيع رقعة الألواح الشمسية لتصل إلى 600 هكتار كما تستهدف ربط المحطة الأولى بشبكة الربط الكهربائي للمغرب الكبير لبيع فائض الطاقة المتجددة للدول المجاورة والعمل على تأسيس مركز بحثي إقليمي في الداخلة لتطوير تقنيات تحلية المياه الشمسية ونشرها في إفريقيا والعالم العربي.