شهدت الكويت أمس الثلاثاء تدشين أول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة الزور الصناعية بمشاركة الفعاليات الحكومية والشريكة الصناعية، ويعد هذا المشروع الأول من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ويعتمد المصنع على الطاقة الكهربائية المولدة من حقل الرياح البحري القريب، ويستخدم تقنيات التحليل الكهربائي للماء لإنتاج الهيدروجين النقي دون انبعاثات كربونية، حيث بدأت أولى الدفعات الأولى من الهيدروجين الخالي من الكربون بالتصدير إلى الأسواق الأوروبية لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية والنقل الثقيل.

 

الشراكات التقنية والتمويل


أقيم المصنع في إطار شراكة استراتيجية بين مؤسسة البترول الكويتية وشركة ألمانية رائدة في تكنولوجيا التحليل الكهربائي وشركة استشارية يابانية متخصصة في تخزين الهيدروجين، وقد تم تمويل المشروع من خلال قرض ميسر بقيمة 1.2 مليار دولار وبرامج دعم من صندوق الطاقة المتجددة الكويتي، ويشمل الاتفاق إنشاء مركز أبحاث مشترَك لتطوير تكنولوجيا الهيدروجين وتدريب الكوادر الوطنية على تشغيل وصيانة المنظومات الفوتوفولتية وأنظمة التحليل الكهربائي المتقدمة.

 

المواصفات الفنية للمصنع


يضم المصنع منصة إنتاجية مساحتها 50 ألف متر مربع، مزودة بخمسة خطوط تحليل كهربائي بقدرة 200 ميغاواط لكل خط، وتعمل الألواح الشمسية على مدار الساعة عبر نظام تخزين طاقة يعتمد على بطاريات الليثيوم أيون وتقنيات تخزين الهيدروجين في صورة كبسولات عالية الضغط، وقد صممت المحطة لتعمل بكفاءة تتجاوز 70 بالمئة، مع نظام ذكي لمراقبة الأداء والضغط ودرجة الحرارة، يضمن التشغيل المستقر وسلامة المنشأة والعمال.

 

الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية


يُتوقع أن يساهم المصنع في خلق أكثر من ثلاثة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال مرحلتي الإنشاء والتشغيل، كما سيسهم الهيدروجين الأخضر في تنويع مصادر الطاقة الوطنية وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويعزز من موقع الكويت كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة النظيفة الإقليمية والعالمية، إضافة إلى الفوائد البيئية المترتبة على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو مليون طن سنويًا، مع إمكانية توسيع نطاق الإنتاج لتغطية احتياجات مشاريع البتروكيماويات الوطنية والتصدير البحري.

 

التكامل مع الاقتصاد الأزرق


يرتبط إنتاج الهيدروجين الأخضر في المصنع بميناء الزور المجاور، حيث سيتم استخدام الهيدروجين كوقود نظيف للسفن الرئيسية وروبوتات الموانئ الآلية، ويهدف المخطط إلى إنشاء أول خط شحن بحري صديق للبيئة في المنطقة، كما يجري العمل على ربط المصنع بوحدة إنتاج الأمونيا الخضراء التي تُستخدم كوقود صناعي وكيماويات زراعية، مما يؤسس لشبكة من الاستخدامات المتنوعة تضمن قيمة مضافة وتكاملاً بين مشاريع الطاقة المتجددة والاقتصاد الأزرق.

 

ردود الفعل المحلية والدولية


تلقت المبادرة الكويتية إشادات واسعة من المنظمات الدولية والمؤسسات البيئية والطاقية، حيث وصفها المشاركون في مؤتمر “كوب 30” القادم بأنها نموذج يحتذى به لتسريع التحول الطاقي في دول الخليج، كما أعربت المفوضية الأوروبية عن رغبتها في استيراد الهيدروجين من المصنع لتعزيز أمن الطاقة في أوروبا، فيما أعلنت عدة دول عربية، منها السعودية والإمارات، عن نواياها لتبادل الخبرات والتعاون التقني في مجال الهيدروجين الأخضر ضمن تحالف خليجي للطاقة النظيفة.

 

خطة التوسع وآفاق المستقبل


أفصحت الحكومة الكويتية عن خطط مستقبلية لتوسيع مصنع الزور بإضافة وحدتين جديدتين بحلول عام 2030 لرفع القدرة الإنتاجية إلى 2 مليون طن سنويًا، كما يجري إعداد دراسات جدوى لإنشاء مصانع مماثلة في مناطق شمال الكويت وجنوبها، مع التركيز على بناء سلسلة قيمة متكاملة تشمل التصنيع والتخزين والنقل والتصدير، ورصد دعم حكومي لتقديم حوافز ضريبية وتقنية للمستثمرين في قطاع الهيدروجين، مما يؤسس لاقتصاد طاقي مستدام ويعزز من جاهزية الكويت لرؤية الطاقة العالمية الخضراء.