انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في مدينة جدة، بحضور رسمي وشعبي واسع، حيث تم افتتاح الحفل بعرض فيلم مصري عربي مشترك، يسلط الضوء على قضايا الشباب والهوية، وحظي العرض الأول بإقبال كبير من الجمهور والنقاد على حد سواء.
يضم برنامج المهرجان هذا العام أكثر من مائة فيلم من خمسين دولة، بينها عشرون فيلماً عربياً، وتشمل الأجنحة الرسمية أفلاماً روائية ووثائقية قصيرة وطويلة، بالإضافة إلى أفلام طلابية تعرض لأول مرة في المنطقة، ويشارك في المسابقة الرسمية 15 فيلماً من بينها فيلم تونسي، وفيلم لبناني، وفيلم سعودي، إضافة إلى أفلام من المغرب والإمارات، ويتنافس الصناع على جوائز المهرجان التي تشمل جائزة أفضل فيلم روائي، وجائزة أفضل مخرج، وجائزة أفضل سيناريو، مع تخصيص جائزة خاصة لبرنامج دعم الأفلام العربية التي أنتجت خلال العامين الماضيين.
يشهد المهرجان حضوراً قوياً لنجوم الساحة السينمائية العربية، حيث يترأس لجنة التحكيم المخرج المغربي العالمي ندير الرميلي، ويضم في عضويته الناقدة اللبنانية ليلى حداد والممثلة الإماراتية هند عبد الله، كما يشارك في فعالياته نخبة من المخرجين والكتاب العرب، ويقام على هامش المهرجان حفل تكريم للناقد الراحل طاهر أبو بكر تقديراً لإسهاماته في توثيق تاريخ السينما العربية.
إلى جانب العروض السينمائية، ينظم المهرجان سلسلة من ورش العمل المتخصصة في كتابة السيناريو والإخراج والإنتاج المشترك، والتي يقدمها خبراء دوليون بالتعاون مع أكاديمية السينما في جامعة الملك عبد العزيز، وتهدف هذه الورش إلى تدريب الكوادر الشابة من صناع الأفلام الناشئين، وتعزيز التعاون بين منتجي السينما العربية ونظرائهم الدوليين، كما يتيح برنامج السوق السينمائي لقاءات ثنائية بين صناع الأفلام والموزعين والمستثمرين، مما يسهم في توفير فرص تمويل وتوزيع للأفلام التي تنتج في العالم العربي.
يعد مهرجان البحر الأحمر نقطة التقاء للصناعات الإبداعية، حيث يرافقه مؤتمر إعلامي تبحث فيه جلسات تحت عنوان “السينما العربية والاستدامة” و”المرأة والإخراج”، كما يخصص المهرجان منصة خاصة للعروض الشبابية والتجريبية، ويتيح للمشاهدين تجربة السينما في الهواء الطلق على كورنيش جدة، مع تحكيم شعبي يمنح الجمهور جائزة أفضل فيلم بناءً على تصويت عبر تطبيق المهرجان الرقمي.
تواصل الفعاليات على مدى تسعة أيام، ومن المتوقع أن تتجاوز نسبة الحضور هذه الدورة كل التوقعات بعد نجاح الدورات السابقة في استقطاب أكثر من 50 ألف زائر، ويشير المنظمون إلى أن المهرجان أسهم منذ انطلاق المهرجان في عام 2021 في دعم إنتاج عشرة أفلام عربية ضخمة وتمويلها عبر صندوق الدعم الجديد الذي يوفر منحاً للمشروعات الواعدة، وكان من أبرزهم فيلمين وثائقيين نالا جوائز دولية في مهرجانات تورونتو وبرلين.
ينعكس انطلاق المهرجان على الحركة الاقتصادية والسياحية في جدة، حيث ارتفعت نسبة حجوزات الفنادق والمطاعم بنسبة 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، مع توفير آلاف فرص العمل المؤقتة في القطاعات الخدمية والإعلامية، مما يضيف قيمة اقتصادية إلى القطاع الثقافي ويعزز من مكانة المدينة كوجهة سينمائية وسياحية عربية متميزة.
في ختام المهرجان يتوقع أن تعلن اللجان عن الفائزين بجوائز المهرجان، كما يختتم الحدث بحفل توزيع يعرض فيه ملخص لأبرز اللحظات السينمائية، وتقام عروض خاصة للأفلام الحاصلة على جائزة الجمهور، فيما يظل مهرجان البحر الأحمر السينمائي منصة فريدة لدعم المواهب العربية، وتعزيز مكانة السينما في الحياة الثقافية في المنطقة، مطلقة بوابة جديدة للإبداع والابتكار في عام يملؤه الأمل في مستقبل سينمائي واعد للعالم العربي.