أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمًا بالإعدام على رجل في العقد الخامس من عمره، بعد إدانته بجريمة قتل شقيقه الأصغر في منطقة البساتين بالقاهرة، في واقعة مأساوية هزّت الرأي العام، وكشفت عن مدى خطورة الإدمان وأثر الغيرة العائلية حين تفقد إنسانيتها.
تفاصيل الجريمة بدأت عندما وصل المتهم "ع. ج"، البالغ من العمر 48 عامًا، إلى طريق مسدود في حياته بعد سنوات من إدمان المواد المخدرة.
أدمن تعاطيها بشراهة، وأنفق كل ما ورثه من أموال في سبيل شرائها، ليجد نفسه في نهاية المطاف دون عمل أو دخل ثابت، عاجزًا عن بناء أسرة أو مجرد الحفاظ على كرامته الإنسانية.
النيابة العامة أوضحت خلال التحقيقات أن المتهم استنزف ميراثه بالكامل في شراء المخدرات، ما أدى إلى انهيار حياته بشكل كامل.
ومع مرور الوقت، ازداد شعوره بالفشل والتهميش، خصوصًا حين رأى شقيقه الأصغر يشق طريقه بنجاح، ويؤسس عائلة صغيرة، ويملك من المال ما يكفي ليعيش بكرامة.
وعلى الرغم من أن المجني عليه لم يبخل عليه يومًا، وكان يمنحه المال من حين لآخر بدافع الشفقة والأخوة، فإن مشاعر الحقد والغيرة بدأت تتسلل إلى قلب المتهم.
هذه المشاعر السلبية تطورت سريعًا داخل المتهم، وتحولت إلى رغبة شرسة في الانتقام، ليس فقط من النجاح المادي لشقيقه، بل من حياته بأكملها.
لم يحتمل فكرة أن يرى شقيقه ينعم بما حرم هو منه، فقرر أن يضع حدًا لتلك المقارنة المؤلمة على طريقته الخاصة.
وفقًا لتحقيقات النيابة، فإن المتهم خطط لجريمته مسبقًا، حيث توجه إلى أحد المحال في منطقة صقر قريش واشترى سكينًا، بيت النية لاستخدامها في تنفيذ جريمته.
ويوم 14 مايو 2024، اتجه إلى منزل شقيقه في البساتين، مدعيًا أنه جاء للزيارة كعادته.
استقبله المجني عليه بترحاب، ودعاه لتناول الغداء ومشاهدة التلفاز سويًا، دون أن يدرك أن شقيقه يخبئ خلف ابتسامته نية القتل.
وما إن أعطاه ظهره واطمأن لوجوده، حتى عاجله المتهم بعدة طعنات غادرة في مناطق متفرقة من جسده، ليقع غارقًا في دمائه، دون فرصة للنجاة.
الجريمة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد حاول القاتل بعدها مهاجمة حماة شقيقه التي كانت متواجدة في المكان، في محاولة لقتلها هي الأخرى، غير أن الأقدار تدخلت هذه المرة وتم إنقاذها في اللحظة الأخيرة.
بعد ارتكاب الجريمة، لم يتمكن المتهم من الهروب طويلًا، إذ سرعان ما ألقت قوات الشرطة القبض عليه.
وأمام جهات التحقيق، لم ينكر فعلته، بل اعترف بكل تفاصيلها، مؤكدًا أنه ارتكب الجريمة بدافع الغيرة من شقيقه الأصغر، قائلاً إنه كان يشعر بالقهر كلما رأى شقيقه ينجح ويكوّن أسرة بينما هو غارق في الإدمان والبؤس.
ووفقًا لما أظهرته التحقيقات، فإن المتهم لم يكن يعاني من أي مرض نفسي يبرر فعلته، بل كان بكامل وعيه حين أقدم على الجريمة، مما عزز موقف النيابة في المطالبة بأقصى العقوبة، باعتبار أن الجريمة تمت مع سبق الإصرار والترصد.
وخلال جلسات المحاكمة، استمعت المحكمة إلى أقوال الشهود، وتأكدت من سلامة التحريات التي أجراها رجال المباحث، وأقرت بأن الدافع وراء الجريمة كان الغيرة والحقد، وأن المتهم خطط مسبقًا لقتل شقيقه بطريقة وحشية.
وفي ختام المحاكمة، رأت المحكمة أن الجريمة تمثل خروجًا تامًا عن كل القيم الإنسانية والدينية، ولا يمكن التساهل معها بأي حال من الأحوال، فأصدرت حكمها النهائي بإعدام المتهم شنقًا حتى الموت.
وتعيد هذه الواقعة المؤلمة تسليط الضوء على تأثير الإدمان والغيرة المرضية في تدمير حياة الأفراد والأسر، كما تبرز أهمية التوعية المجتمعية بخطورة تعاطي المخدرات، وضرورة التدخل المبكر لعلاج المدمنين قبل أن يتحولوا إلى خطر على من حولهم.