يُسوّق تطبيق "دولينجو" نفسه على أنه "أفضل وسيلة في العالم لتعلم اللغات"، ويجذب عشرات الملايين من المستخدمين بفضل تصميمه التفاعلي ونظامه القائم على التكرار والتلعيب، لكن خلف هذه الواجهة الجذابة التعليم الرقمي المعاصر، تتنامى تساؤلات جدية حول فعالية التطبيق في تحقيق تعلم حقيقي وفعال.
أسلوب تعليمي سطحي يفتقر للعمق
يعتمد "دولينجو" على تقسيم المهارات اللغوية إلى دروس قصيرة، تُشجع المستخدم على العودة يوميًا، ولكن هذا الأسلوب القائم على التكرار الميكانيكي غالبًا ما يفشل في بناء مهارات حقيقية مثل المحادثة أو فهم القواعد النحوية بعمق. فبدلاً من ذلك، يُدرّب المستخدم على تمييز جُمل غريبة قد لا تستخدم في الحياة الواقعية، مثل: "الروبيان يأكل الدب"، مما يُضعف من جودة التعلم ويقلل من فاعليته.
التلعيب والترفيه على حساب التعليم
شخصية "دوو" – البومة الخضراء الشهيرة – أصبحت أكثر من مجرد رمز للتطبيق، بل أداة تسويقية تُستخدم لإثارة العواطف وزيادة التفاعل. أحدث مثال على ذلك كان "وفاة" الشخصية في حادث افتراضي بسيارة "سايبر ترك"، وهي خطوة دفعت المستخدمين لجمع 50 مليار نقطة لإعادتها للحياة. هذا النوع من الحملات يُظهر كيف يركّز التطبيق على الترفيه أكثر من تعزيز الفهم اللغوي.
تجارب المستخدمين تكشف الحقيقة
العديد من المستخدمين عبّروا عن خيبة أملهم من نتائج استخدام التطبيق. أحدهم استخدم "دولينجو" يوميًا لمدة خمس سنوات لتعلّم اليابانية، لكنه لم يتمكن من كتابة كلمة "شكرًا". وآخر استخدمه لمدة 300 يوم دون أن يتمكن من إجراء محادثة بسيطة بالألمانية. هذه التجارب الشخصية تُسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين ما يُعد به التطبيق وما يُحققه فعليًا.
اختبار اللغة الإنجليزية... نفس العيوب تتكرر
لا تقتصر الإشكاليات على التطبيق فحسب، بل تمتد إلى اختبار اللغة الإنجليزية الذي يقدمه "دولينجو". فرغم قبوله في بعض الجامعات، إلا أنه يفتقر إلى تقييم متكامل للمهارات الأساسية، ويركز بشكل مفرط على مفردات سطحية ومواقف غير واقعية.
بين التسلية والتعلم... أين يقف دولينجو؟
يمثل "دولينجو" نموذجًا صارخًا لأزمة التعليم الرقمي المعاصر الاهتمام بالشكل على حساب الجوهر، والمتعة على حساب الفهم الحقيقي. وبينما يمكن أن يكون التطبيق وسيلة مساعدة في بداية الطريق، إلا أنه لا يُغني عن مصادر تعلم أكثر عمقًا وجدية مثل الكورسات المتخصصة، البودكاست التعليمي، أو التفاعل الواقعي مع اللغة.