في ظل التطور التكنولوجي السريع، أصبحت الأجهزة الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ومع انتشار الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بدأ الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، ما أثار قلق الخبراء والأطباء حول التأثيرات الصحية والنفسية لهذا السلوك. من بين أبرز هذه المخاوف، العلاقة المحتملة بين الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية وإصابة الأطفال بأعراض شبيهة باضطراب التوحد.

هل يسبب الموبايل التوحد للأطفال؟

تشير دراسات حديثة إلى وجود علاقة قوية بين الإفراط في استخدام الشاشات الإلكترونية في سن مبكرة وظهور أعراض توحدية مثل: ضعف التواصل البصري، تأخر النطق، والعزلة الاجتماعية. وعلى الرغم من أن الأجهزة لا تعتبر سببًا مباشرًا للتوحد – كونه اضطرابًا تطوريًا عصبيًا – فإنها تسهم في ظهور أعراض مشابهة له لدى الأطفال الذين يتعرضون للشاشات لفترات طويلة دون تفاعل اجتماعي مباشر.

التأثيرات السلبية للأجهزة الإلكترونية على نمو الأطفال

  • تأخر النطق والكلام: تعتمد مهارات اللغة على التفاعل البشري، وعند استبدال هذا التفاعل بالتحديق في الشاشات، تقل فرص الطفل في تعلم الكلام والنطق الصحيح.

  • العزلة الاجتماعية: يصبح الطفل أكثر انعزالاً ويفضل البقاء أمام الشاشة بدلاً من اللعب مع أقرانه أو التفاعل مع أسرته.

  • ضعف التركيز والانتباه: الاستخدام الطويل للأجهزة يضعف من قدرة الطفل على التركيز، ويؤثر على تطوره المعرفي والإدراكي.

  • اضطرابات النوم: الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين، ما يؤدي إلى اضطرابات النوم.

توصيات الخبراء للحد من تأثير الشاشات على الأطفال

ينصح الأطباء والمتخصصون باتباع إرشادات منظمة الصحة العالمية، التي توصي بعدم تعريض الأطفال دون سن السنتين لأي نوع من الشاشات، وتقنين الوقت المخصص للأطفال الأكبر سنًا ليكون أقل من ساعة يوميًا مع إشراف الوالدين.

كما يفضل تشجيع الأنشطة البدنية والتفاعلية مثل القراءة، اللعب في الهواء الطلق، والمشاركة في أنشطة جماعية، التي تعزز من تطور الطفل الاجتماعي والعاطفي بشكل صحي.

دور الأسرة في حماية الطفل من الآثار السلبية للتكنولوجيا

تلعب الأسرة دورًا محوريًا في توجيه استخدام الأطفال للتكنولوجيا، وذلك من خلال تقديم القدوة الحسنة، ووضع قواعد واضحة لاستخدام الأجهزة، والتفاعل المستمر مع الطفل لتلبية احتياجاته العاطفية والنفسية بعيدًا عن الشاشات.

رغم الفوائد التي قد تقدمها الأجهزة الإلكترونية، فإن الإفراط في استخدامها لدى الأطفال قد يؤدي إلى عواقب صحية ونفسية خطيرة تشبه أعراض التوحد. لذا، فإن الاعتدال والوعي هما المفتاح لحماية جيل المستقبل من الوقوع في فخ التكنولوجيا المفرطة.