بعد سنوات من الجدل والشد والجذب بين الملاك والمستأجرين، يتحرك البرلمان المصري رسميًا يوم الإثنين المقبل لمناقشة تعديل قانون الإيجارات القديمة، الذي طالما شكّل واحدة من أكثر القضايا العقارية إثارة للجدل في البلاد. ويأتي هذا التحرك البرلماني استجابةً لحكم المحكمة الدستورية العليا، وضمن توجه حكومي لإصلاح منظومة الإيجارات بما يراعي التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري خلال العقود الأخيرة.
أبرز ملامح مشروع تعديل قانون الإيجارات القديمة
بحسب المهندس طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، فإن مشروع القانون الجديد للإيجارات القديمة يتضمن بنودًا تهدف إلى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية. ويقترح المشروع رفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم لتبدأ من 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى، مع زيادة سنوية قدرها 15%، وذلك خلال فترة انتقالية تمتد لخمس سنوات.
بنهاية هذه الفترة، ستعود الوحدة المؤجرة إلى مالكها ما لم يتم الاتفاق على عقد جديد بشروط يحددها الطرفان. كما يسمح القانون باللجوء إلى القضاء في حال تعذر التوصل لاتفاق، مما يضمن إطارًا قانونيًا واضحًا للتعامل مع حالات الإخلاء.
تباين الآراء داخل البرلمان حول الايجارات القديمة
خلال جلسة استماع نظّمها حزب «حماة الوطن»، أبدى عدد من النواب آرائهم حول القانون، مؤكدين على ضرورة أن تراعي التعديلات الاستقرار الاجتماعي وعدم التسبب بأزمات للسكان. بعض النواب اقترحوا فترات انتقالية أطول تصل لعشر سنوات، فيما شدد آخرون على ضرورة تحديد الزيادات بناءً على الموقع الجغرافي أو نوعية العقار.
موقف المستأجرين والمجتمع المدني
من جانبه، قدّم الاتحاد العام لمستأجري مصر مذكرة إلى البرلمان، شدد فيها على أهمية حماية حقوق المستأجرين، لا سيما كبار السن وأصحاب المعاشات، مطالبًا بتطبيق زيادات تدريجية وتحت رقابة تشريعية. وأكد الاتحاد ضرورة احترام أحكام المحكمة الدستورية التي تنص على أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار لا يتجاوز الجيل الأول من الورثة.
الحكومة تلتزم بالحوار المجتمعي
رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أكد في مؤتمر صحفي أن الحكومة حرصت على صياغة مشروع قانون متوازن يراعي الجميع، مشيرًا إلى أن الحوار المجتمعي سيكون شاملًا قبل إصدار القانون النهائي. كما أوضح رئيس البرلمان، المستشار حنفي جبالي، أن مجلس النواب لن يصدر أي قانون قبل التوصل لصيغة عادلة تحمي حقوق الملاك والمستأجرين على حد سواء.
ختام: هل تُطوى صفحة الإيجارات القديمة؟
مع بدء مناقشات البرلمان حول قانون الإيجارات القديمة، تبدو مصر على مشارف مرحلة جديدة في تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر. وبين المخاوف والآمال، يبقى الرهان على تحقيق معادلة تضمن العدالة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، في قضية تمس حياة ملايين المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية.