صرح رئيس جامعة الأزهر بأن تعلم اللغات يعد من الركائز الأساسية في بناء وتنمية المجتمعات، وذلك لما يمثله من جسر تواصل بين الثقافات المختلفة. ففي عالمنا المعاصر، الذي يشهد تزايداً ملحوظاً في التفاعلات العالمية، أصبح إتقان لغة أجنبية أو أكثر ضرورة حتمية للارتقاء بالمستوى التعليمي والمهني للأفراد، فضلاً عن دوره في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب. إن القدرة على التواصل بلغة أخرى تفتح آفاقاً واسعة للإطلاع على أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية، وتبادل الخبرات والمعارف، والمشاركة الفعالة في المحافل الدولية. كما أن تعلم اللغات يسهم في تنمية القدرات الذهنية والإدراكية، ويعزز الذاكرة والتركيز، ويوسع آفاق التفكير. وبالتالي، فإن الاستثمار في تعليم اللغات يعد استثماراً في مستقبل الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

 

دور جامعة الأزهر في تعزيز تعلم اللغات

تولي جامعة الأزهر اهتماماً بالغاً بتعليم اللغات الأجنبية لطلابها، إدراكاً منها لأهمية ذلك في تأهيلهم لسوق العمل العالمي، وتمكينهم من المساهمة الفعالة في خدمة مجتمعاتهم. وتسعى الجامعة جاهدة لتوفير بيئة تعليمية محفزة ومشجعة على تعلم اللغات، من خلال توفير أحدث الوسائل التعليمية، واستقطاب أفضل الكفاءات التدريسية، وتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل المتخصصة. كما تحرص الجامعة على إقامة شراكات مع المؤسسات التعليمية الدولية المرموقة، لتبادل الخبرات والمعارف، وتوفير فرص للطلاب للدراسة في الخارج، والاحتكاك بثقافات مختلفة. وتؤمن جامعة الأزهر بأن تعليم اللغات ليس مجرد اكتساب مهارة لغوية، بل هو أيضاً اكتساب ثقافة جديدة، وفهم أعمق للعالم من حولنا. ولذلك، فإن الجامعة تسعى إلى غرس قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة في نفوس طلابها، من خلال تشجيعهم على تعلم اللغات والتفاعل مع الآخرين.

 

أثر تعلم اللغات على التنمية الاقتصادية والاجتماعية

لا يقتصر أثر تعلم اللغات على الجانب التعليمي والثقافي فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية أيضاً. فإتقان لغة أجنبية يفتح آفاقاً واسعة للعمل في الشركات والمؤسسات الدولية، ويساهم في زيادة القدرة التنافسية للأفراد في سوق العمل. كما أن تعلم اللغات يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتنمية السياحة، وتعزيز التبادل التجاري بين الدول. وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن تعلم اللغات يعزز التفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة، ويقلل من فرص نشوب الصراعات والنزاعات. كما أنه يسهم في نشر قيم التسامح والاحترام المتبادل، وتعزيز التعايش السلمي بين الشعوب. وبالتالي، فإن الاستثمار في تعليم اللغات يعد استثماراً في التنمية المستدامة للمجتمعات.

 

تحديات تعلم اللغات وسبل التغلب عليها

على الرغم من أهمية تعلم اللغات، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الأفراد في هذا المجال، مثل صعوبة قواعد اللغة، ونقص الموارد التعليمية، وعدم وجود بيئة محفزة على الممارسة. وللتغلب على هذه التحديات، يجب على الأفراد اتباع استراتيجيات تعليمية فعالة، مثل تحديد الأهداف بوضوح، والتركيز على المهارات الأساسية، والممارسة المنتظمة، والاستفادة من الموارد التعليمية المتاحة، والتفاعل مع المتحدثين الأصليين للغة. كما يجب على المؤسسات التعليمية توفير بيئة تعليمية محفزة ومشجعة على تعلم اللغات، من خلال توفير أحدث الوسائل التعليمية، واستقطاب أفضل الكفاءات التدريسية، وتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل المتخصصة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية دعم مبادرات تعليم اللغات، وتوفير المنح الدراسية والبرامج التدريبية للطلاب والشباب.

 

دعوة إلى الاهتمام بتعلم اللغات

في ختام حديثه، دعا رئيس جامعة الأزهر إلى ضرورة الاهتمام بتعليم اللغات الأجنبية في جميع المراحل التعليمية، وتشجيع الأفراد على تعلم لغة أجنبية واحدة على الأقل. وأكد على أن تعلم اللغات ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة حتمية لمواكبة التطورات العالمية، والمساهمة الفعالة في بناء وتنمية المجتمعات. كما دعا إلى تضافر الجهود بين المؤسسات التعليمية والحكومات والمنظمات غير الحكومية، لتوفير بيئة تعليمية محفزة ومشجعة على تعلم اللغات، وتمكين الأفراد من اكتساب المهارات اللغوية اللازمة لتحقيق النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية.