تستعد المملكة العربية السعودية لتطبيق نظام جديد لتملك غير السعوديين للعقار مطلع عام 2026، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء على التعديلات الجديدة في يوليو 2025. يهدف هذا النظام إلى تعزيز جاذبية الاستثمار الأجنبي وتنظيم ملكية العقارات في مختلف المناطق، مما يثير اهتمامًا واسعًا داخل وخارج المملكة. يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل للنظام الجديد، بما في ذلك الشروط القانونية، الفئات المسموح لها بالتملك، الاستثناءات، العقوبات، والإجراءات التنظيمية.

من هو «غير السعودي» في نظام التملك؟

وفقًا لما نُشر في جريدة أم القرى الرسمية، يُعرّف النظام "غير السعودي" بأنه الشخص الطبيعي الذي لا يحمل الجنسية السعودية، الشركات والمؤسسات الأجنبية، الكيانات غير الربحية الأجنبية، وأي شخص اعتباري غير سعودي تحدده قرارات مجلس الوزراء. يتيح النظام لغير السعوديين تملك العقار أو اكتساب الحقوق العينية الأخرى داخل نطاق جغرافي محدد يقرره مجلس الوزراء بناءً على توصيات هيئة العقار وموافقة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. تشمل هذه الحقوق أنواع الملكية العقارية الممكنة (سكنية، تجارية، استثمارية)، تحديد الحد الأقصى لنسبة الملكية داخل النطاق الجغرافي، مدة السماح باكتساب حق الانتفاع، والضوابط والشروط الخاصة بالتملك أو الانتفاع. يُعد هذا التعريف أساسيًا لفهم نطاق تطبيق النظام الجديد.

شروط وضوابط تملك العقار

يسمح النظام لغير السعودي المقيم بصفة نظامية في المملكة بتملك عقار واحد فقط مخصص للسكن خارج النطاق الجغرافي المنصوص عليه، مع استثناء مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة من التملك، إلا إذا كان الشخص مسلمًا. أما الشركات الأجنبية غير المدرجة في السوق المالية السعودية، والتي تم تأسيسها وفق نظام الشركات ولها شركاء أجانب، فيُسمح لها بتملك العقارات في كافة المناطق، بما فيها مكة والمدينة، لغرض مزاولة الأنشطة التجارية أو الاستثمارية وتوفير سكن للعاملين داخل نطاق نشاطها. هذا التمييز بين الأفراد والشركات يعكس رغبة المملكة في جذب الاستثمارات مع الحفاظ على خصوصية المدن المقدسة. الشركات المدرجة في السوق والصناديق والمنشآت الخاصة المرخصة نظامًا، يُسمح لها بتملك العقارات واكتساب الحقوق داخل وخارج النطاق الجغرافي، بما يشمل مكة والمدينة، وفقاً لضوابط هيئة السوق المالية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

الحقوق والمزايا الأخرى

لا يتعارض هذا النظام مع الأنظمة القائمة التي تمنح غير السعوديين مزايا تملك إضافية، مثل نظام الإقامة المميزة، تنظيم تملك مواطني دول مجلس التعاون الخليجي للعقار في السعودية، والاتفاقيات الثنائية التي تمنح أفضلية لمواطني بعض الدول. يُسمح للممثليات الدبلوماسية باكتساب العقار في السعودية لغرض مقر البعثة الدبلوماسية وسكن رئيس وأعضاء البعثة، كما يُتاح ذلك للهيئات الدولية والإقليمية ضمن حدود الاتفاقيات الدولية، شريطة موافقة وزارة الخارجية. هذا التكامل مع الأنظمة الأخرى يضمن عدم وجود تعارضات قانونية ويسهل عملية التملك.

الإجراءات والعقوبات

يشترط النظام أن تقوم الشركات أو الكيانات الأجنبية بالتسجيل لدى الجهات المختصة وتسجيل أي عملية تملك في السجل العقاري. يفرض النظام رسمًا تستوفيه هيئة العقار لا يتجاوز 5% من قيمة التصرف على الحق العيني، ولا يُعفي ذلك من الرسوم أو الضرائب الأخرى المقررة نظامًا. يعاقب المخالفون للنظام الجديد بالإنذار الإداري، غرامة لا تتجاوز 5% من قيمة الحق محل المخالفة، وحد أقصى للغرامة يصل إلى 10 ملايين ريال. يُعاقب غير السعودي الذي يتعمّد تقديم بيانات كاذبة بهدف التملك بغرامة تصل إلى 5% من قيمة الحق العيني، البيع الإجباري للعقار، ومصادرة الفارق لصالح الدولة بعد خصم الغرامة والمصاريف. هذه العقوبات الرادعة تهدف إلى ضمان الالتزام بالنظام ومنع أي محاولات للتحايل عليه.

مستقبل النظام وتأثيره

من المقرر أن تصدر اللائحة التنفيذية للنظام خلال 180 يومًا من تاريخ نشر النظام في جريدة «أم القرى»، على أن تتضمن تفصيلات آلية التملك واكتساب الحقوق، الرسم الذي تستوفيه الهيئة لكل نوع من الحقوق العقارية، حالات الإعفاء ونسبة الصفر من الرسوم، والضوابط والإجراءات اللازمة لتطبيق النظام. النظام الجديد لتملك غير السعوديين للعقار في السعودية يمثل خطوة إصلاحية مهمة في بيئة الاستثمار العقاري في المملكة. وبينما يُراعي النظام خصوصية بعض المدن المقدسة ويضع ضوابط دقيقة، إلا أنه يُتيح فرصًا حقيقية للأجانب والمقيمين لدخول سوق العقار السعودي وفق إطار قانوني منظم. من المتوقع أن يفتح هذا النظام آفاقًا جديدة أمام السوق العقاري السعودي، وأن يعزز من كفاءة إدارة الأراضي والحقوق المرتبطة بها ضمن رؤية السعودية 2030.