سادت حالة من التفاؤل في الأسواق العالمية بعد الإعلان عن اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة واليابان، مع أنباء عن اقتراب واشنطن من إبرام اتفاق مماثل مع الاتحاد الأوروبي، قد يشمل فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 15% على بعض السلع الأوروبية مقابل الحصول على إعفاءات. هذا التطور دعم التوقعات بعقد مزيد من الصفقات التجارية قبل المهلة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع أغسطس المقبل. انعكست هذه الأنباء بشكل مباشر على أسعار الذهب، التي سجلت تراجعًا منذ جلسة أمس مع انخفاض الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن، في ظل تزايد شهية المستثمرين للمخاطرة بعد تحسن التوقعات الاقتصادية. هذه العوامل مجتمعة تشير إلى أن أسعار الذهب على المدى القصير قد تشهد مزيدًا من الضغط، مع إمكانية تحقيق مكاسب محدودة في حالة تجدد المخاوف الاقتصادية أو الجيوسياسية.

الأسواق تأثرت أيضًا بإعلان شركة ألفابت المالكة لجوجل عن نتائج فصلية أفضل من التوقعات، مدعومة بالطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي، وهو ما عزز الثقة في أسهم قطاع التكنولوجيا. كما وقع الرئيس ترامب ثلاثة أوامر تنفيذية تهدف إلى دعم قطاع الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، مما ساهم في دفع مؤشرات وول ستريت إلى تسجيل مستويات قياسية. كل هذه العوامل دفعت المتعاملين إلى تقليل مراكزهم في الذهب لصالح الأسهم والأصول عالية العائد، وهو ما انعكس في انخفاض الطلب على الذهب كأداة للتحوط، رغم استمرار مشتريات البنوك المركزية بوتيرة أقل من بداية العام. ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن أسعار الذهب لا تزال حساسة لأي تطورات سلبية في الاقتصاد العالمي، مثل تباطؤ النمو أو تصاعد التوترات التجارية. لذلك، فإن أي انتكاسة في المفاوضات التجارية أو ظهور مؤشرات على ضعف الاقتصاد الأمريكي قد يؤدي إلى عودة المستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن، مما يدعم الأسعار.

من ناحية أخرى، تتجه الأنظار إلى اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في التاسع والعشرين والثلاثين من يوليو، حيث تشير التوقعات إلى تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير، مع احتمالات بعودة الفيدرالي إلى خفض الفائدة خلال سبتمبر. عادة ما يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى دعم أسعار الذهب، حيث يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن النفيس الذي لا يدر عائدًا. ومع ذلك، فإن تأثير قرار الفيدرالي على أسعار الذهب سيعتمد أيضًا على اللهجة التي سيستخدمها البنك المركزي في بيانه، وما إذا كان سيشير إلى استعداده لاتخاذ مزيد من الإجراءات لدعم الاقتصاد. إذا أشار الفيدرالي إلى أنه يرى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع أسعار الذهب، بينما إذا أشار إلى أنه قلق بشأن التوقعات الاقتصادية، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار.

في الصين، أظهرت بيانات صادرة عن جمعية الذهب الصينية أن استهلاك الذهب تراجع خلال النصف الأول من عام 2025 بنسبة 3.5% على أساس سنوي ليسجل 505.2 طن، مقارنة بانخفاض بنسبة 5.6% خلال نفس الفترة من عام 2024. هذا يشير إلى استمرار الطلب على الملاذات الآمنة جزئيًا، رغم تراجع الإنفاق على المجوهرات. تعتبر الصين من أكبر مستهلكي الذهب في العالم، لذلك فإن أي تغيير في الطلب الصيني على الذهب يمكن أن يكون له تأثير كبير على الأسعار العالمية. وعلى الرغم من تراجع الاستهلاك في النصف الأول من العام، إلا أن هناك توقعات بتعافي الطلب الصيني على الذهب في النصف الثاني من العام، مدفوعًا بتحسن الأوضاع الاقتصادية وزيادة الإنفاق الاستهلاكي. إذا تحقق هذا السيناريو، فقد يؤدي ذلك إلى دعم أسعار الذهب.

وفي مصر، سجلت أسعار الذهب استقرارًا نسبيًا خلال تعاملات اليوم الجمعة 25 يوليو 2025، بعد تراجعها من أعلى مستوياتها في أكثر من شهر، متأثرة بجني أرباح عالمية وانتعاش محدود في سعر صرف الدولار. أسعار الذهب في مصر اليوم جاءت كالتالي: عيار 24 سجل 5325 جنيهًا للجرام، عيار 21 سجل 4660 جنيهًا للجرام، عيار 18 سجل 3994 جنيهًا للجرام، عيار 14 سجل 3106 جنيهات للجرام، وسجل سعر الجنيه الذهب 37280 جنيهًا. تأتي هذه التحركات وسط ترقب واسع في الأسواق لمصير المفاوضات التجارية الدولية، ومدى تأثيرها على توجهات السيولة في أسواق السلع والمعادن، خصوصًا مع اقتراب الموعد النهائي لقرارات تجارية أميركية قد تؤثر على حركة الاقتصاد العالمي. بشكل عام، يمكن القول أن أسعار الذهب ستظل عرضة للتقلبات في الفترة القادمة، مع وجود عوامل متعددة يمكن أن تؤثر عليها في كلا الاتجاهين.