في يوم الجمعة الموافق 25 يوليو 2025، الموافق 30 محرم 1447هـ، تصدح مساجد جمهورية مصر العربية بخطبة موحدة حول موضوع بالغ الأهمية، ألا وهو: "إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح". هذا الموضوع الذي حددته وزارة الأوقاف المصرية يهدف إلى تسليط الضوء على قيمة الوقت وأهميته في حياة الفرد والمجتمع، وكيف يمكن للإدارة الجيدة للوقت أن تسهم بشكل فعال في تحقيق النجاح والتقدم على مختلف الأصعدة. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الوزارة المستمرة لنشر الوعي الديني والثقافي، وتوجيه المجتمع نحو القيم الإيجابية التي تعزز من التنمية الشاملة والمستدامة. إن اختيار هذا الموضوع بالذات يعكس إدراكًا عميقًا لأهمية الوقت في العصر الحديث، حيث تتسارع وتيرة الحياة وتتزايد التحديات، مما يجعل إدارة الوقت مهارة ضرورية لكل فرد يسعى إلى تحقيق أهدافه وتطلعاته.
أهمية الوقت في الإسلام
تولي الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بالوقت، وتعتبره نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على الإنسان. فالوقت هو رأس مال الإنسان في هذه الحياة، وهو وعاء العمل الصالح الذي يتقرب به العبد إلى ربه. وقد حث القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على اغتنام الوقت واستثماره في الأعمال النافعة، وحذر من تضييعه وإهداره فيما لا فائدة فيه. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" (سورة العصر). وفي هذا القسم العظيم دلالة واضحة على أهمية الوقت وضرورة استغلاله في طاعة الله وعمل الخير. كما ورد في الحديث النبوي الشريف: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به". وهذا الحديث يؤكد على أن الإنسان مسؤول أمام الله تعالى عن كل لحظة من لحظات حياته، وكيف استغلها فيما يرضي الله.
خطورة التهاون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
في هذا العصر الذي نعيشه، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ورغم ما تحمله هذه الوسائل من فوائد جمة في التواصل والتفاعل وتبادل المعلومات، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر جمة إذا لم يتم استخدامها بحكمة وعقلانية. فالتهاون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى إضاعة الوقت الثمين فيما لا ينفع، ويشغل الإنسان عن أداء واجباته ومسؤولياته الدينية والدنيوية. كما أن الإفراط في استخدام هذه الوسائل قد يؤدي إلى الإدمان والانعزال الاجتماعي، ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية للفرد. لذلك، تحذر وزارة الأوقاف من خطورة التهاون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي دون ضوابط، وتدعو إلى استخدامها بحذر وعقلانية، والاستفادة منها في نشر الخير والمعرفة، وتجنب كل ما يضر بالفرد والمجتمع.
هدي الإسلام في إدارة الوقت
يقدم الإسلام منهجًا شاملاً ومتكاملاً لإدارة الوقت، يعتمد على التخطيط والتنظيم والأولويات. فمن أهم مبادئ إدارة الوقت في الإسلام تحديد الأهداف بوضوح، وتحديد الأولويات بناءً على الأهمية والأولوية، وتخصيص وقت محدد لكل مهمة، والالتزام بالوقت المحدد، وتجنب التسويف والتأجيل. كما يحث الإسلام على استغلال الأوقات الفاضلة، مثل أوقات الصلوات وأوقات الذكر والدعاء، في التقرب إلى الله تعالى وزيادة الحسنات. ويعلمنا الإسلام أيضًا أن نكون منتجين ومثمرين في كل ما نقوم به، وأن نسعى إلى تحقيق أفضل النتائج بأقل جهد ووقت ممكن. إن تطبيق هذه المبادئ الإسلامية في إدارة الوقت يساعد الإنسان على تحقيق النجاح في حياته الدينية والدنيوية، ويجعله أكثر إنتاجية وفعالية في عمله ودراسته وعلاقاته الاجتماعية.
وزارة الأوقاف تعزز الخطاب الديني الوسطي الرشيد
في سياق متصل بجهود وزارة الأوقاف في تعزيز الخطاب الديني الوسطي الرشيد، اعتمد الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، 131 خطيبًا بالمكافأة من المحالين للمعاش، على بند التحسين. وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص الوزارة على الاستفادة من الكفاءات الدعوية المتميزة، وتعزيز جهود الخطاب الديني الوسطي الرشيد. وتؤكد الوزارة على أنها مستمرة في دعم وتمكين أصحاب الكفاءة والخبرة في المجال الدعوي، سواء من العاملين أو المحالين للمعاش، ممن تتوافر فيهم الضوابط والاشتراطات اللازمة لأداء الخطبة، حرصًا منها على الارتقاء بالمنابر وخدمة رسالة الدعوة. إن هذه الخطوة تعكس إيمان الوزارة بأهمية الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى العلماء والدعاة المتقاعدين، وتوظيفها في خدمة المجتمع ونشر الوعي الديني الصحيح.
في خطبة الجمعة الموافق 25 يوليو 2025، تناولت مساجد مصر موضوعًا حيويًا وهامًا لكل فرد في المجتمع، وهو: "إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح". هذه الخطبة، التي حددتها وزارة الأوقاف، تهدف إلى تسليط الضوء على الأهمية القصوى للوقت في حياة المسلم، وكيفية استغلاله الأمثل لتحقيق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. تأتي هذه المبادرة في إطار جهود الوزارة المستمرة لتقديم خطاب ديني معاصر وموجه يلامس قضايا المجتمع وهمومه، ويقدم حلولًا عملية مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
إن الوقت هو أثمن ما يملك الإنسان، فهو رأس ماله الحقيقي الذي لا يمكن تعويضه. فكل لحظة تمر لا تعود، وكل دقيقة تضيع لا تسترد. وقد حثنا ديننا الحنيف على اغتنام الوقت واستثماره في طاعة الله وفيما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع. قال تعالى: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ". فالإنسان الناجح هو الذي يعرف قيمة وقته، ويحسن إدارته، ويستغله في تحقيق أهدافه وطموحاته. وهذا يتطلب تخطيطًا وتنظيمًا وتحديدًا للأولويات، والبعد عن التسويف والتأجيل، والحرص على الاستفادة من كل لحظة فيما يعود بالنفع.
وقد تناولت خطبة الجمعة أيضًا موضوعًا بالغ الأهمية، وهو "خطورة التهاون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي دون ضوابط". ففي عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن الإفراط في استخدامها والانغماس فيها دون وعي أو ضوابط قد يؤدي إلى إضاعة الوقت وتبديد الجهد، وإلى التقصير في الواجبات والمسؤوليات. فالإنسان العاقل هو الذي يستخدم هذه الوسائل بحكمة وعقلانية، ويستفيد منها في التواصل مع الآخرين وفي نشر العلم والمعرفة، وفيما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه، دون أن يسمح لها بالسيطرة على وقته أو التأثير على حياته سلبًا.
ومن الجدير بالذكر أن وزارة الأوقاف قد أتاحت تحميل الخطبة من على منصة الأوقاف، وذلك بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الناس للاستفادة منها والاطلاع على محتواها. وهذا يعكس حرص الوزارة على نشر الوعي الديني الصحيح، وتعميم الفائدة على أفراد المجتمع كافة. كما قامت الوزارة باعتماد 131 خطيبًا بالمكافأة من المحالين للمعاش، وذلك في إطار حرصها على الاستفادة من الكفاءات الدعوية المتميزة، وتعزيز جهود الخطاب الديني الوسطي الرشيد. وهذا يدل على أن الوزارة تسعى جاهدة لتطوير الخطاب الديني وتجويده، والاستفادة من الخبرات المتاحة، بما يخدم رسالة الدعوة الإسلامية السمحة.
وفي الختام، فإن خطبة الجمعة التي تناولت موضوع "إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح" تمثل دعوة صادقة لكل فرد في المجتمع إلى إعادة النظر في طريقة استغلاله لوقته، وإلى الحرص على استثماره الأمثل فيما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه. فالوقت هو الحياة، وإذا أحسن الإنسان استغلاله، فقد فاز في الدنيا والآخرة. وعلى المسلم أن يستحضر هدي الإسلام في كل لحظة من لحظات حياته اليومية، وأن يحرص على اغتنام كل فرصة سانحة لفعل الخير ونشر الفضيلة، وأن يكون قدوة حسنة لغيره في استغلال الوقت وفي العمل الجاد والمثمر. فبالعمل والإخلاص والتفاني، يمكننا أن نبني مجتمعًا قويًا ومزدهرًا، وأن نحقق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.