أكرم القصاص يكتب: 23 يوليو من الجزائر.. ثورة فى زمانها ومكانها الأثر وحلم التحرر والتقدم
في كل عام، تحل علينا ذكرى ثورة 23 يوليو في مصر، وهي ذكرى تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات، ليس فقط على المستوى المصري، بل على المستوى العربي والإقليمي. وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نتذكر الثورة الجزائرية المجيدة، التي اشتعلت جذوتها في عام 1954، والتي كانت بحق ثورة في زمانها ومكانها، وتركت أثراً بالغاً في حركة التحرر الوطني في العالم العربي وإفريقيا. الثورة الجزائرية لم تكن مجرد انتفاضة شعبية ضد الاستعمار الفرنسي، بل كانت مشروعاً متكاملاً للتحرر والتقدم، سعى إلى بناء دولة مستقلة ذات سيادة، قادرة على تحقيق تطلعات شعبها في الحرية والعدالة الاجتماعية. لقد كانت الثورة الجزائرية مصدر إلهام للعديد من الحركات التحررية في العالم، وأثبتت أن الإرادة الشعبية قادرة على قهر المستعمر، مهما بلغت قوته.
إن الحديث عن ثورة 23 يوليو في مصر، وعلاقتها بالثورة الجزائرية، يجرنا حتماً إلى الحديث عن حركة عدم الانحياز، التي نشأت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، والتي لعبت فيها مصر والجزائر دوراً محورياً. لقد كانت حركة عدم الانحياز تعبيراً عن رفض الدول النامية للخضوع لأي من القوتين العظميين في ذلك الوقت، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وسعت إلى بناء نظام عالمي جديد، يقوم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. لقد كانت الثورة الجزائرية جزءاً لا يتجزأ من هذه الحركة، وسعت إلى تعزيز التضامن بين الدول النامية، من أجل تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. إن الدور الذي لعبته الجزائر في حركة عدم الانحياز، يعكس إيمانها العميق بقيم التحرر والتقدم، وسعيها الدائم إلى بناء عالم أكثر عدلاً وإنصافاً.
لا يمكننا الحديث عن الثورة الجزائرية دون الإشارة إلى التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري من أجل تحقيق الاستقلال. لقد استشهد الملايين من الجزائريين في سبيل الحرية، وتحملوا ألواناً من العذاب والاضطهاد، ولكنهم لم يستسلموا أبداً. لقد كانت الثورة الجزائرية ملحمة بطولية، تجسد إرادة شعب بأكمله في التحرر من الاستعمار. إن تضحيات الشعب الجزائري يجب أن تظل حاضرة في ذاكرتنا، وأن تكون مصدر إلهام لنا في مواجهة التحديات التي تواجهنا اليوم. يجب أن نتعلم من الثورة الجزائرية أن الوحدة الوطنية هي أقوى سلاح في مواجهة الأعداء، وأن الإصرار على تحقيق الأهداف هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح. إن الثورة الجزائرية ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي مدرسة نتعلم منها دروساً قيمة في الصمود والتحدي.
إن حلم التحرر والتقدم الذي سعى إليه الثوار الجزائريون، لا يزال يراود الشعب الجزائري حتى اليوم. لقد حققت الجزائر الكثير من التقدم في مختلف المجالات، ولكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة، مثل الفساد والبطالة والتطرف. إن تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في الجزائر، يتطلب تضافر جهود جميع أبناء الشعب، والعمل بروح الفريق الواحد من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. الجزائر تمتلك إمكانات هائلة، سواء من حيث الموارد الطبيعية أو الكفاءات البشرية، ولكنها تحتاج إلى قيادة رشيدة قادرة على استغلال هذه الإمكانات على الوجه الأمثل. إن الثورة الجزائرية كانت بداية الطريق نحو التحرر والتقدم، ولكن الطريق لا يزال طويلاً، ويتطلب الكثير من العمل والجهد.
في الختام، يمكننا القول إن ثورة 23 يوليو في مصر، والثورة الجزائرية، كانتا حدثين تاريخيين مهمين، تركا أثراً بالغاً في حركة التحرر الوطني في العالم العربي وإفريقيا. لقد كانت الثورة الجزائرية ثورة في زمانها ومكانها، وأثبتت أن الإرادة الشعبية قادرة على قهر المستعمر، مهما بلغت قوته. إن حلم التحرر والتقدم الذي سعى إليه الثوار الجزائريون، لا يزال يراود الشعب الجزائري حتى اليوم، ويتطلب تضافر جهود جميع أبناء الشعب من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. يجب أن نتعلم من الثورة الجزائرية أن الوحدة الوطنية هي أقوى سلاح في مواجهة الأعداء، وأن الإصرار على تحقيق الأهداف هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح. ذكرى الثورة الجزائرية يجب أن تظل حاضرة في ذاكرتنا، وأن تكون مصدر إلهام لنا في مواجهة التحديات التي تواجهنا اليوم.