النقيب ماجد عبد الرازق، اسم تردد صداه في أرجاء مصر، ليس فقط كضابط شرطة، بل كرمز للتضحية والفداء. هو واحد من أولئك الأبطال الذين وهبوا حياتهم لحماية الوطن ومواجهة قوى الشر والإرهاب. قصته ليست مجرد خبر عابر في نشرة الأخبار، بل هي ملحمة بطولة تستحق أن تُروى وتُخلد في ذاكرة الأجيال. في الساعات الأولى من صباح يوم 7 أبريل 2019، كان النقيب ماجد يقوم بواجبه الوطني، يتفقد الحالة الأمنية في شارع طه حسين بمنطقة النزهة. كان يومًا كغيره من الأيام بالنسبة للكثيرين، لكنه كان يومًا فارقًا في حياة هذا البطل، ويومًا سيظل محفورًا في تاريخ الشرطة المصرية.
لحظة المواجهة.. استبسال في وجه الغدر
أثناء جولته الأمنية الروتينية، لفت انتباه النقيب ماجد سيارة هيونداي ماتريكس سوداء اللون متوقفة بشكل مخالف وتثير الشكوك. بحسه الأمني الرفيع وخبرته المتراكمة في العمل الأمني، طلب من سائق الدورية الاقتراب من السيارة لفحصها. لم يكن يعلم أن هذه اللحظة ستكون نقطة تحول في حياته، وأن هذه السيارة تحمل بين طياتها عناصر إرهابية تخطط لعمل إجرامي. قبل أن يتمكن من الاقتراب من السيارة، بادر الإرهابيون بإطلاق وابل من الرصاص الغادر، استقرت رصاصات الحقد والكراهية في جسد البطل، ليسقط شهيدًا وهو يؤدي واجبه. لم تكن هذه الرصاصات موجهة لشخصه فقط، بل كانت موجهة لكل من يحمل على عاتقه حماية الوطن والدفاع عن أمنه واستقراره. أصيب عدد من أفراد القوة الأمنية في هذا الهجوم الإرهابي الغادر، في مشهد مأساوي يعكس مدى بشاعة الإرهابيين وتجردّهم من كل معاني الإنسانية.
إحباط مخطط إرهابي.. تضحية لم تذهب سدى
بعد استشهاد النقيب ماجد عبد الرازق، بدأت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها المكثفة لكشف ملابسات الحادث والقبض على الجناة. كشفت التحقيقات أن الإرهابيين كانوا يتبعون حركة حسم الإرهابية، وأنهم كانوا يخططون لتنفيذ عملية إرهابية نوعية تستهدف الطائرة الرئاسية. لقد استأجروا شقة بالقرب من مطار القاهرة الدولي لرصد حركة الطائرات الرئاسية، وكانوا في طريقهم لتنفيذ جزء من مخططهم الشيطاني، لولا يقظة النقيب ماجد وشجاعته التي أحبطت مخططهم في مهده. تضحية النقيب ماجد لم تذهب سدى، فقد أنقذ البلاد من كارثة محققة، وحمى أرواح الأبرياء من شرور الإرهابيين. كشفت تحقيقات الأمن الوطني عن أن العناصر المتورطة في اغتيال النقيب عبد الرازق كانت على ارتباط مباشر بقيادات تنظيم حسم الهاربة إلى الخارج، والذين كانوا يخططون لإحياء نشاط التنظيم داخل مصر.
القصاص العادل.. نهاية حتمية للإرهابيين
لم تتوقف جهود وزارة الداخلية عند كشف ملابسات الحادث، بل استمرت في ملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة في هذه الجريمة النكراء. تمكنت الأجهزة الأمنية من رصد تحركات الإرهابيين ومحاولة تسللهم إلى داخل البلاد بطرق غير شرعية. ومن أبرز الأسماء المتورطة في هذه القضية، والتي صدرت بحقها أحكام بالإعدام أو السجن المؤبد، يحيى السيد موسى، وعلاء السماحي، وأحمد عبد الرازق غنيم، وغيرهم من العناصر الإرهابية. تمكنت وزارة الداخلية من تتبع خيوط الجريمة، إلى أن وصلت إلى مكان اختباء اثنين من العناصر الإرهابية بمنطقة بولاق الدكرور. بموجب إذن من نيابة أمن الدولة العليا، تمت مداهمة وكر الإرهابيين، واللذين بادرا بإطلاق نار عشوائي تجاه القوات والمارة، مما أسفر عن مصرعهما، واستشهاد أحد المواطنين، وإصابة ضابط شرطة أثناء محاولته إنقاذ المدني. هذه العملية الأمنية كانت بمثابة انتصار جديد يُحسب لوزارة الداخلية، التي أثبتت أنها لا تنسى ثأر أبنائها، وأنها قادرة على ملاحقة الإرهابيين في أي مكان.
النقيب ماجد عبد الرازق.. رمز البطولة والفداء
سيظل النقيب ماجد عبد الرازق نموذجًا خالدًا في ذاكرة الوطن، ورمزًا للبطولة التي لا تعرف المساومة. هو أحد من حملوا أرواحهم على أكفهم، وواجهوا الإرهاب دون تردد، تاركًا خلفه قصة فخر تتناقلها الأجيال، وعائلة تحتسبه عند الله شهيدًا، وتباهي به وطنًا لا ينسى أبناءه. إن تضحية النقيب ماجد عبد الرازق هي رسالة قوية إلى كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره، بأن مصر لن تنسى أبناءها الأبطال، وأن القصاص العادل سيكون مصير كل من يحاول العبث بأمنها. رحم الله الشهيد النقيب ماجد عبد الرازق، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.