في خطوة تهدف إلى تنظيم حركة السيولة النقدية في السوق المصري، أصدر البنك المركزي المصري قرارًا جديدًا يحدد الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وأجهزة الصراف الآلي (ATM). يأتي هذا القرار في إطار سلسلة من الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي للسيطرة على التضخم وتعزيز الاستقرار المالي في البلاد. ويهدف القرار بشكل أساسي إلى تقليل الاعتماد على التعاملات النقدية وتشجيع استخدام الوسائل الإلكترونية في الدفع، مثل بطاقات الائتمان والخصم المباشر، بالإضافة إلى تطبيقات الدفع عبر الهاتف المحمول. هذا التحول الرقمي يهدف إلى تحقيق شفافية أكبر في المعاملات المالية وتقليل فرص التهرب الضريبي وغسل الأموال.
الحد الأقصى للسحب اليومي الجديد
وفقًا للقرار الجديد، تم تحديد الحد الأقصى للسحب النقدي اليومي من فروع البنوك بمبلغ معين، بينما تم تحديد حد آخر للسحب اليومي من أجهزة الصراف الآلي. يهدف هذا التفريق بين الحدين إلى توجيه العملاء نحو استخدام أجهزة الصراف الآلي لإجراء عمليات السحب الصغيرة والمتوسطة، في حين يتم الاحتفاظ بالسحب من الفروع للحالات التي تتطلب مبالغ أكبر. يأتي هذا الإجراء أيضًا في سياق جهود البنوك لتقليل الازدحام في الفروع وتوفير خدمة أسرع وأكثر كفاءة للعملاء. كما أن تشجيع استخدام أجهزة الصراف الآلي يقلل من تكاليف التشغيل المرتبطة بالفروع، مثل تكاليف الموظفين والأمن.
الجدير بالذكر أن هذا القرار قد أثار ردود فعل متباينة بين المواطنين. فبينما رحب البعض بهذه الخطوة باعتبارها ضرورية لتطوير القطاع المالي ومواكبة التطورات العالمية في مجال الدفع الإلكتروني، أعرب آخرون عن قلقهم بشأن تأثيرها على قدرتهم على الوصول إلى أموالهم النقدية في حالات الطوارئ أو عند التعامل مع التجار الذين لا يقبلون الدفع الإلكتروني. وقد أكد البنك المركزي على أن هذه الحدود القصوى للسحب قابلة للمراجعة والتعديل بناءً على الظروف الاقتصادية واحتياجات السوق. كما دعا البنوك إلى توفير قنوات اتصال فعالة للعملاء للرد على استفساراتهم وتقديم الدعم اللازم لهم في التعامل مع هذه التغييرات.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير على الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد بشكل كبير على التعاملات النقدية في عملياتها اليومية. وقد تحتاج هذه الشركات إلى تكييف نماذج أعمالها لتتماشى مع القيود الجديدة على السحب النقدي، من خلال تبني حلول الدفع الإلكتروني وتسهيل عمليات التحويل البنكي لعملائها ومورديها. كما أن البنوك مطالبة بتقديم الدعم الفني والمالي لهذه الشركات لمساعدتها على الانتقال السلس إلى نظام الدفع الإلكتروني. وتشمل هذه المساعدة توفير برامج تدريبية للموظفين وتقديم قروض ميسرة لشراء الأجهزة والمعدات اللازمة لتفعيل الدفع الإلكتروني.
في الختام، يمثل قرار البنك المركزي بشأن الحد الأقصى للسحب اليومي خطوة هامة نحو تعزيز الشمول المالي وتحقيق التحول الرقمي في القطاع المالي المصري. ورغم التحديات التي قد تواجه بعض الشرائح من المجتمع في التكيف مع هذا القرار، إلا أنه يهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق مصلحة الاقتصاد الوطني من خلال تقليل الاعتماد على النقد وتشجيع استخدام الوسائل الإلكترونية الأكثر أمانًا وفاعلية. يبقى على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى مسؤولية كبيرة في توعية العملاء وتوفير الدعم اللازم لهم لضمان نجاح هذا التحول.