أذكار الصباح هي مجموعة من الأدعية والأذكار التي يُستحب للمسلم أن يرددها في بداية يومه. هذه الأذكار ليست مجرد كلمات تقال، بل هي وسيلة للتواصل مع الله تعالى، وشكره على نعمة الحياة، والاستعانة به على قضاء حوائج الدنيا والآخرة. من بين هذه الأذكار المباركة، دعاء "اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور"، وهو دعاء عظيم يحمل معاني عميقة، ويعكس توحيد الله تعالى والاعتراف بقدرته المطلقة على كل شيء.

إن هذا الدعاء يبدأ بالاعتراف بأن كل شيء في هذا الوجود هو بفضل الله ومنّه وكرمه. فقولنا "اللهم بك أصبحنا" يعني أننا أصبحنا في هذا اليوم بفضله ورحمته، وليس بقدرتنا أو قوتنا. وبالمثل، "وبك أمسينا" يعني أننا نمسي بفضله وإحسانه. هذا الاعتراف الدائم بنعم الله تعالى يدفعنا إلى شكره عليها، ويجعلنا أكثر تواضعاً وإخلاصاً في عبادته. فالإنسان المؤمن يعلم أن كل نفس يتنفسه، وكل حركة يتحركها، وكل نعمة يتمتع بها هي من عند الله، وبالتالي يجب أن يقابل هذه النعم بالشكر والحمد والثناء على الله عز وجل.

ثم ننتقل إلى الشق الثاني من الدعاء، وهو "وبك نحيا وبك نموت". هذا الجزء يؤكد على أن الحياة والموت بيد الله وحده. فهو الذي يحيي ويميت، ولا شريك له في ذلك. هذا الاعتقاد الراسخ يمنح المؤمن طمأنينة وسكينة، ويجعله لا يخاف الموت، بل يستعد له بالعمل الصالح والتقرب إلى الله تعالى. فالمؤمن يعلم أن الموت هو مجرد انتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، ومن الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، وأن مصيره بعد الموت هو بيد الله وحده. لذلك، يسعى دائماً إلى أن يكون مستعداً للقاء الله، وأن يكون من الفائزين برضوانه وجنته. هذا الوعي بالموت يجعله أكثر حرصاً على استغلال وقته في طاعة الله، وتجنب المعاصي والذنوب.

أما الجزء الأخير من الدعاء، وهو "وإليك النشور"، فهو إقرار بالبعث والنشور يوم القيامة. فالمؤمن يؤمن بأن الله تعالى سيبعث الناس من قبورهم يوم القيامة، وسيحاسبهم على أعمالهم، وسيجزي كل عامل بعمله. هذا الإيمان باليوم الآخر يدفع المؤمن إلى العمل الصالح والإحسان إلى الناس، وتجنب الظلم والعدوان. فهو يعلم أن كل عمل يعمله في هذه الدنيا، سواء كان خيراً أو شراً، سيجده مسجلاً في صحيفته يوم القيامة، وسيحاسب عليه. لذلك، يسعى دائماً إلى أن تكون أعماله حسنة، وأن يبتعد عن كل ما يغضب الله تعالى. فالإيمان باليوم الآخر هو حافز قوي للمؤمن على فعل الخير وتجنب الشر.

إن ترديد هذا الدعاء العظيم في الصباح هو بداية موفقة ليوم مبارك. فهو يذكرنا بنعم الله علينا، ويجعلنا أكثر تواضعاً وشكراً له. كما أنه يمنحنا الطمأنينة والسكينة، ويجعلنا أكثر استعداداً لمواجهة تحديات الحياة. فلنحرص على ترديد هذا الدعاء وغيره من أذكار الصباح كل يوم، لننعم ببركة الله ورضوانه. تذكر أن المداومة على الأذكار تقوي صلتنا بالله تعالى، وتجعلنا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، الذين أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً. فاجعل أذكار الصباح جزءاً لا يتجزأ من يومك، لتنعم ببركتها وخيرها في الدنيا والآخرة.