كشفت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، استنادًا إلى وثائق استخباراتية أُفرج عنها مؤخرًا، أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما قامت بـ"تزييف وتسييس" معلومات استخباراتية بهدف الترويج لرواية مفادها أن روسيا تدخلت للتأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016. هذه الاتهامات تثير تساؤلات خطيرة حول نزاهة العملية الاستخباراتية ودوافع المسؤولين في ذلك الوقت. الوثائق التي وثقتها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد تشير إلى أن أوباما وفريقه الأمني سعوا، عقب فوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون، إلى وضع الأسس لتحقيق موسع استمر سنوات عُرف لاحقًا بتحقيق "التواطؤ الروسي". هذه الادعاءات تلقي بظلال من الشك على التحقيقات اللاحقة والإجراءات التي اتخذت بناءً على هذه المعلومات الاستخباراتية.
وبحسب الوثائق، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية خلصت في البداية إلى أنه من "غير المرجح" أن روسيا حاولت التأثير على نتائج الانتخابات عبر الوسائل الإلكترونية. كما حصلت "فوكس نيوز" على نسخة من التقرير الرئاسي اليومي المؤرخ في 8 ديسمبر 2016، والذي شاركت في إعداده وزارة الأمن الداخلي ووكالات استخباراتية عدة، وجاء فيه أن "الجهات الفاعلة الروسية لم تؤثر على نتائج الانتخابات الأمريكية من خلال أنشطة إلكترونية خبيثة، بالرغم من نجاحهم في اختراق قاعدة بيانات ناخبين في ولاية إلينوي". هذا التقييم الأولي يظهر تناقضًا صارخًا مع الرواية التي تم الترويج لها لاحقًا، مما يثير الشكوك حول دوافع تغيير التقييمات الاستخباراتية.
لكن الوثائق أظهرت أن هذه التقييمات تم تجاوزها لاحقًا. ففي 9 ديسمبر 2016، عُقد اجتماع رفيع المستوى في البيت الأبيض ضم كبار المسؤولين الأمنيين، بمن فيهم كلابر ومدير CIA جون برينان ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري، وناقشوا الرد على "الأنشطة الروسية". وفي أعقاب الاجتماع، طُلب من أجهزة الاستخبارات إعداد تقييم جديد بطلب من الرئيس أوباما. هذا التغيير في المسار، والطلب بإعداد تقييم جديد بعد اجتماع رفيع المستوى، يشير إلى تدخل سياسي محتمل في العملية الاستخباراتية. السؤال المطروح هو: هل تم الضغط على أجهزة الاستخبارات لتغيير تقييماتها لتتوافق مع أجندة سياسية معينة؟
وفي 6 يناير 2017 صدر تقرير جديد يتهم روسيا بالتدخل المباشر، وهو ما اعتبره مسؤولون استخباراتيون لاحقًا تقريرًا "مسيسًا" تم فيه قمع معلومات استخباراتية سابقة أظهرت عدم قدرة روسيا على التأثير في النتائج. واعتمد التقرير الجديد على مصادر مثيرة للجدل مثل "ملف ستيل"، والذي تبين لاحقًا أنه يستند إلى معلومات غير موثوقة، واستخدم لاحقًا كأساس لتحقيق المحقق الخاص روبرت مولر ومحاولات عزل ترامب. استخدام مصادر مشكوك فيها كأساس لتقرير استخباراتي رسمي يثير تساؤلات حول مصداقية التقرير وأهدافه الحقيقية. إذا كان التقرير يعتمد على معلومات غير دقيقة أو مضللة، فإن النتائج التي توصل إليها والتحقيقات التي استندت إليه تصبح موضع شك.
ويأتي هذا الكشف في وقت تستمر فيه التحقيقات الجنائية مع مسؤولي إدارة أوباما، من بينهم جون برينان وجيمس كومي، بشأن تورطهم في دفع تقييمات استخباراتية مضللة. هذه التحقيقات الجارية تسلط الضوء على خطورة الاتهامات وتأثيرها المحتمل على سمعة المسؤولين السابقين والعملية السياسية في الولايات المتحدة. إذا ثبتت صحة هذه الاتهامات، فقد يكون لها تداعيات كبيرة على الثقة في المؤسسات الحكومية والاستخباراتية، وقد تؤدي إلى تغييرات في كيفية التعامل مع المعلومات الاستخباراتية في المستقبل.