في حلقة برنامج "ثم ماذا حدث" الذي يقدمه الإعلامي جمال عنايت، تم تسليط الضوء على آخر مستجدات مفاوضات التهدئة وتبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس. البرنامج أكد أن المفاوضات لا تزال تشهد تقلبات كبيرة، حيث تتأرجح بين مؤشرات إيجابية تبعث على الأمل في انفراجة قريبة، وأخرى سلبية تنذر بعودة الأمور إلى نقطة الصفر. هذه التقلبات تجعل التكهن بمستقبل المفاوضات أمراً صعباً، وتزيد من حالة الترقب والقلق لدى الأطراف المعنية والمجتمع الدولي على حد سواء. البرنامج لم يغفل الإشارة إلى أن مسار المفاوضات يتأثر بعوامل داخلية وإقليمية معقدة، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق نهائي يرضي جميع الأطراف.

 

البرنامج أشار إلى أن التقدم في المفاوضات يسير بوتيرة بطيئة ومتقطعة، مما يعكس وجود خلافات جوهرية بين الطرفين حول العديد من القضايا. هذه الخلافات تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لتذليلها، وقد تتسبب في تأخير التوصل إلى اتفاق. بالإضافة إلى ذلك، لفت البرنامج إلى أن الخلافات الداخلية الإسرائيلية، والتي تتجلى في التباين في وجهات النظر بين أعضاء حكومة الحرب، تلعب دوراً سلبياً في مسار المفاوضات. هذه الخلافات تعيق اتخاذ قرارات حاسمة وتضعف موقف إسرائيل التفاوضي. كما أن الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية تزيد من تعقيد المشهد، حيث قد تؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة وتشتيت الانتباه عن مفاوضات غزة. كل هذه العوامل مجتمعة تجعل تحقيق انفراجة في المفاوضات أمراً صعباً للغاية.

 

كما أوضح البرنامج أن الانقسام داخل حكومة الحرب الإسرائيلية بين المطالبين بإبرام صفقة تبادل أسرى عاجلة، والداعين إلى مواصلة الضغط العسكري على حركة حماس، أصبح واضحاً للعيان. هذا الانقسام يتجلى في التصريحات المتضاربة التي تصدر عن المسؤولين الإسرائيليين، مما يعكس وجود خلاف سياسي عميق قد يعطل أي تقدم في المفاوضات. ففي حين يرى البعض أن الصفقة هي الحل الأمثل لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين، يعتقد آخرون أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على تقديم تنازلات. هذا التباين في وجهات النظر يجعل من الصعب على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ موقف موحد في المفاوضات، مما يضعف موقفها التفاوضي ويقلل من فرص التوصل إلى اتفاق.

 

وفي سياق التحليل الإقليمي الأوسع، تطرقت الحلقة إلى تصاعد التوترات على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وخاصة في محافظة السويداء السورية، حيث عادت الاشتباكات إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي. هذه التطورات تثير مخاوف من اندلاع صراع أوسع في المنطقة، قد يؤثر سلباً على مفاوضات غزة. كما لم تغفل الحلقة الإشارة إلى التحركات الإيرانية النشطة في المنطقة، والتي تزيد من حالة الاضطراب وعدم الاستقرار. هذه التحركات تثير قلق إسرائيل وحلفائها، وقد تدفعهم إلى اتخاذ إجراءات مضادة، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة. البرنامج أكد أن أي تصعيد إقليمي، وخاصة في سوريا، قد يحول الأنظار عن غزة ويربك الحسابات الاستراتيجية لأطراف التفاوض، مما يقلل من فرص التوصل إلى اتفاق قريب.

 

واختتم الإعلامي جمال عنايت الحلقة بالتأكيد على أن الكرة الآن في ملعب الأطراف المعنية، وسط ترقب عالمي متزايد لما ستؤول إليه الأحداث في الأيام المقبلة. السؤال الحاسم الذي يطرح نفسه هو: هل تنجح الضغوط الدولية في تجاوز العوائق السياسية والأمنية التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاق؟ أم يستمر الجمود وتتعقد المعادلة أكثر؟ الإجابة على هذا السؤال ستتحدد في الأيام القادمة، وستكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل قطاع غزة والمنطقة بأسرها. المجتمع الدولي مطالب بممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المعنية لحملها على تقديم تنازلات والتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الإنسانية في غزة ويحقق الأمن والاستقرار للجميع.