تواجه ليبيا تحديات جسيمة في المرحلة الانتقالية، تتصدرها حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، المتهمة بعدم الالتزام بخارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي في جنيف. هذا الاتهام يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه الحكومة على تحقيق الاستقرار والوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الليبي والمجتمع الدولي. الاستمرار في الحكم من قبل جسم غير منتخب يزيد من حالة عدم اليقين السياسي ويعمق الانقسامات بين الأطراف الليبية المختلفة. هذا الوضع يعرقل جهود بناء دولة موحدة ومستقرة، ويؤثر سلبًا على حياة المواطنين الذين يتوقون إلى الأمن والازدهار.

 

الصراعات المسلحة والفوضى الأمنية في طرابلس

تعاني ليبيا من صراع مستمر بين التشكيلات المسلحة المتنافسة على النفوذ والسيطرة على الموارد المالية. هذا الصراع يتجلى بشكل خاص في العاصمة طرابلس، التي تشهد فوضى أمنية ومؤسساتية تعيق عمل الدولة وتعرقل تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. الهدنة الهشة بين الميليشيات المسلحة تمثل تهديدًا دائمًا للاستقرار، حيث يمكن أن تنهار في أي لحظة، مما يؤدي إلى تجدد الاشتباكات وإراقة الدماء. عدم قدرة الدولة على بسط نفوذها وفرض القانون يعزز من قوة الميليشيات ويجعل من الصعب تحقيق الأمن والاستقرار المنشودين.

 

دور البعثة الأممية والمقترح الرابع للجنة الاستشارية

في ظل هذه التحديات الصعبة والمعقدة، يبرز دور البعثة الأممية في ليبيا كعامل حاسم في تحديد مسار المرحلة الانتقالية. ومع ذلك، فإن ترويج البعثة للمقترح الرابع للجنة الاستشارية يثير بعض التساؤلات حول مدى ملاءمته للوضع الحالي وقدرته على تحقيق التوافق بين الأطراف الليبية المختلفة. دور البعثة لا يقتصر على تيسير المشاورات، بل يمتد ليشمل تهيئة الأجواء اللازمة للمرحلة الانتقالية والدفع نحو إجراء الانتخابات. هذا يتطلب دراسة متأنية للمقترحات المقدمة من اللجان المختلفة، وتقييم آثارها المحتملة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في ليبيا.

 

ضرورة دراسة المقترحات الأممية قبل طرحها للجمهور

من الضروري أن تقوم البعثة الأممية بدراسة متأنية للمقترحات المقدمة من اللجان التي تشكل عبر الأمم المتحدة أو أطراف دولية مستفيدة قبل مناقشتها وطرحها للجمهور بشكل متسرع. التسرع في طرح المقترحات قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات وزيادة حالة عدم الثقة بين الأطراف الليبية، مما يعرقل جهود تحقيق التوافق الوطني وإجراء الانتخابات. يجب أن يكون الهدف الأساسي للبعثة هو تحقيق الاستقرار والسلام في ليبيا، وهذا يتطلب اتباع نهج حذر ومتأنٍ في التعامل مع القضايا السياسية المعقدة.

 

تأثير الأطراف الدولية المستفيدة على المشهد الليبي

لا يمكن تجاهل تأثير الأطراف الدولية المستفيدة على المشهد الليبي، حيث تسعى هذه الأطراف إلى تحقيق مصالحها الخاصة في ليبيا، وقد تدعم أطرافًا معينة على حساب أطراف أخرى. هذا التدخل الأجنبي يعقد الوضع السياسي ويزيد من صعوبة تحقيق التوافق الوطني. يجب على البعثة الأممية أن تتعامل بحذر مع هذه الأطراف وأن تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها المختلفة، مع التركيز على مصلحة الشعب الليبي في المقام الأول. تحقيق الاستقرار والسلام في ليبيا يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، والعمل بروح من التعاون والتفاهم.