ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت يوم الجمعة أن مجموعة من الحاخامات البارزين، بمن فيهم حاخامات من مستوطنة "كريات أربع" في الخليل جنوب الضفة الغربية، ومجلس السامرة الإقليمي، والحاخامات الرئيسيين لمدينة صفد، وجهوا رسالة تعارض بشدة اتفاق الهدنة المحتمل مع حركة حماس. يكتسب هذا التدخل الديني أهمية خاصة نظرًا لمشاركة والد وزير من حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، مما يسلط الضوء على الانقسامات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي حول كيفية التعامل مع الصراع المستمر. وتأتي هذه الرسالة في لحظة حرجة، حيث يكثف الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى اتفاق يشمل هدنة لمدة 60 يومًا، وإطلاق سراح 10 أسرى أحياء، وتسليم رفات 18 آخرين، بهدف تمهيد الطريق لمفاوضات أوسع تهدف إلى إنهاء الحرب. إن معارضة هذه الشخصيات الدينية البارزة تضع ضغوطًا إضافية على الحكومة الإسرائيلية وتزيد من تعقيد مساعي التوصل إلى حل سلمي.

 

الحاخامات يحذرون من "خطر على النصر"

في رسالتهم، أكد الحاخامات المتطرفون أن "الهدف من الحرب هو النصر"، وحذروا من أن "الصفقة الجزئية الجاري التفاوض بشأنها تشكل خطرًا على تحقيق النصر، وعلى وحدة الشعب الإسرائيلي وأمنه". يعكس هذا الموقف رؤية متشددة ترى أن أي اتفاق لا يحقق "نصرًا" كاملاً على حماس يعتبر غير مقبول. يجادل الحاخامات بأن الهدنة المقترحة قد تقوض الجهود العسكرية الإسرائيلية وتطيل أمد الصراع. إن تركيزهم على "النصر" يعكس تيارًا فكريًا قويًا في اليمين الديني الإسرائيلي الذي يفضل الحلول العسكرية الحاسمة على التسويات الدبلوماسية. إن هذا التيار يرى أن أي تنازلات لحماس ستشجعها على الاستمرار في "الإرهاب" وتقوض الأمن الإسرائيلي على المدى الطويل. وبالتالي، فإن رسالة الحاخامات تمثل تحديًا مباشرًا للجهود الدبلوماسية الجارية وتدعو إلى استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق "النصر" الكامل.

 

مخاوف بشأن مصير الأسرى ومستقبل حماس

أعرب الحاخامات عن قلقهم البالغ بشأن مصير الأسرى الذين لن يشملهم الاتفاق في مرحلته الأولى، زاعمين أن الاتفاق المطروح يعرض حياتهم للخطر. كما حذروا من أن الهدنة ستمنح حركة حماس فرصة لإعادة تنظيم صفوفها واستعادة قوتها القتالية، مما قد يدفعها إلى شن هجمات جديدة على الجنود الإسرائيليين. يرى الحاخامات في الهدنة تنازلاً غير مقبول من قبل إسرائيل، وقد يشجع حماس على الاستمرار في مقاومتها. هذه المخاوف تعكس تصورًا شائعًا في اليمين الإسرائيلي بأن أي فترة هدوء ستستغلها حماس لتعزيز قدراتها العسكرية والاستعداد لمواجهات مستقبلية. إن ربط مصير الأسرى بمستقبل حماس يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة الإسرائيلية ويجعل من الصعب عليها قبول أي اتفاق لا يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحذير من أن الهدنة ستمنح حماس فرصة لإعادة بناء قوتها يثير تساؤلات حول فعالية أي اتفاق مؤقت لا يتضمن آليات لضمان عدم استغلال حماس للهدنة لتعزيز قدراتها العسكرية.

 

دعوة إلى "إجبار حماس على الاستسلام"

في ختام رسالتهم، زعم الحاخامات أن من واجب إسرائيل "إجبار حماس على الاستسلام، وتدمير بنيتها، ونفي قيادتها من أرضنا". يعكس هذا المطلب موقفًا متشددًا يرفض أي حل وسط مع حماس ويدعو إلى القضاء التام عليها. يرى الحاخامات أن هذا هو السبيل الوحيد لضمان الأمن الإسرائيلي على المدى الطويل ومنع تكرار الهجمات. إن هذا المطلب يتماشى مع رؤية اليمين الديني الإسرائيلي الذي يعتبر حماس تهديدًا وجوديًا لإسرائيل ويرى أن الحل الوحيد هو القضاء عليها عسكريًا. إن الدعوة إلى "نفي قيادة حماس من أرضنا" تعكس رغبة في تغيير كامل للوضع في غزة وضمان عدم قدرة حماس على تهديد إسرائيل في المستقبل. هذا الموقف المتشدد يجعل من الصعب على الحكومة الإسرائيلية قبول أي اتفاق لا يلبي هذه المطالب، ويزيد من تعقيد جهود التوصل إلى حل سلمي للصراع.

 

تأثير الرسالة على المشهد السياسي

من الواضح أن رسالة الحاخامات المتطرفين تهدف إلى التأثير على الرأي العام الإسرائيلي والضغط على الحكومة لتبني موقف أكثر تشددًا في المفاوضات مع حماس. بالنظر إلى النفوذ الديني والسياسي الذي يتمتع به هؤلاء الحاخامات، فمن المرجح أن يكون لرسالتهم تأثير كبير على المشهد السياسي الإسرائيلي. إن مشاركة والد وزير من حزب "الصهيونية الدينية" في الرسالة تزيد من أهميتها وتجعل من الصعب على الحكومة تجاهلها. من المحتمل أن تثير الرسالة جدلاً واسعًا في إسرائيل وتزيد من الانقسامات حول كيفية التعامل مع الصراع مع حماس. في الوقت نفسه، قد تدفع الرسالة الوسطاء الدوليين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم والتفكير في طرق جديدة للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية ستستجيب لضغوط الحاخامات المتطرفين أم أنها ستواصل جهودها للتوصل إلى هدنة مؤقتة قد تمهد الطريق لمفاوضات أوسع تهدف إلى إنهاء الحرب.