أكرم القصاص يكتب: صراع فى «السويداء».. سوريا على شفا الطائفية!
تتجدد المخاوف من انزلاق سوريا إلى هاوية الطائفية، مع تصاعد حدة التوترات في محافظة السويداء. هذه المحافظة، التي لطالما عُرفت بتنوعها الديني والاجتماعي، تشهد اليوم صراعات متزايدة تهدد النسيج الاجتماعي الهش الذي تبقى من سنوات الحرب الطويلة. إن الأحداث الأخيرة في السويداء، والتي تتراوح بين الاشتباكات المسلحة وعمليات الخطف المتبادلة، تعكس عمق الأزمة التي تعيشها البلاد، وتُنبئ بمستقبل قاتم إذا لم يتم تدارك الأمر سريعًا. السويداء، بتاريخها الطويل من التعايش، تواجه اليوم تحديًا وجوديًا.
الأسباب الجذرية للصراع
يكمن جوهر الصراع في السويداء في عدة عوامل متداخلة. أولاً، هناك حالة الفراغ الأمني التي خلفتها الحرب، والتي سمحت بظهور جماعات مسلحة مختلفة تسعى لفرض نفوذها وسيطرتها على المنطقة. هذه الجماعات، التي تتكون من عناصر محلية وأجنبية، تتنافس على الموارد والنفوذ، مما يؤدي إلى اشتباكات متقطعة تهدد الأمن والاستقرار. ثانيًا، هناك حالة الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي التي يعيشها السكان، نتيجة للانهيار الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والفقر. هذه الظروف تدفع الشباب إلى الانخراط في الجماعات المسلحة، بحثًا عن مصدر رزق أو حماية لأنفسهم وعائلاتهم. ثالثًا، هناك التدخلات الخارجية التي تزيد من تعقيد الوضع، حيث تسعى قوى إقليمية ودولية إلى استغلال الصراع لتحقيق مصالحها الخاصة. هذه التدخلات تزيد من حدة التوتر وتُعيق أي جهود للتوصل إلى حل سلمي. الوضع الاقتصادي المتردي يغذي الصراع بشكل مباشر.
تداعيات الصراع على مستقبل سوريا
إن استمرار الصراع في السويداء يحمل تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا ككل. أولاً، فإنه يزيد من خطر تفكك البلاد وتقسيمها إلى دويلات متناحرة، وهو السيناريو الذي حذر منه العديد من المحللين والمراقبين. ثانيًا، فإنه يُعمق الانقسامات الطائفية والعرقية في المجتمع السوري، مما يجعل من الصعب إعادة بناء الثقة والمصالحة بين مختلف المكونات. ثالثًا، فإنه يُعيق أي جهود لإعادة إعمار البلاد وتنميتها، ويُبقي سوريا في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. سوريا على مفترق طرق، والصراع في السويداء يحدد المسار.
الحاجة إلى حل سياسي شامل
لمعالجة الأزمة في السويداء وسوريا بشكل عام، لا بد من التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق العدالة والمساواة. هذا الحل يجب أن يعتمد على الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف المعنية، وبرعاية دولية وإقليمية. يجب أن يتضمن الحل السياسي خطوات ملموسة لإنهاء العنف، وإطلاق سراح المعتقلين، وعودة اللاجئين والنازحين، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. يجب أن يضمن الحل السياسي أيضًا مشاركة جميع المكونات السورية في الحكم، وتمثيلها بشكل عادل في المؤسسات الحكومية. الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا من الهاوية.
دور المجتمع الدولي
يقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في المساعدة على حل الأزمة في سوريا. يجب على الدول الكبرى والمنظمات الدولية أن تضغط على جميع الأطراف المعنية لوقف العنف والانخراط في حوار جاد ومثمر. يجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يقدم الدعم المالي والإنساني للشعب السوري، وأن يساعد في إعادة إعمار المناطق المتضررة. يجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يحاسب المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وأن يضمن عدم إفلاتهم من العقاب. إن التقاعس عن التحرك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتوسيع نطاقها، مما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. المجتمع الدولي مطالب بالتحرك الفوري لإنقاذ سوريا.