الشعائر، وتصان الحقوق، وتحفظ الحرمات؛ فلا يمكن لشيء من ذلك أن يتحقق لولا وجود وطن لديه أبناء يدفعون عنه أمام الأعداء ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل رفعته. فالوطن هو الحاضنة التي تنمو فيها القيم والأخلاق، وهو المكان الذي يشعر فيه الإنسان بالأمان والانتماء. وبدون الوطن، يصبح الإنسان عرضة للضياع والتشرد، ويفقد القدرة على ممارسة شعائره الدينية بحرية، وعلى التمتع بحقوقه كاملة، وعلى الحفاظ على حرماته. لذلك، فإن الدفاع عن الوطن هو دفاع عن كل هذه الأمور، وهو واجب شرعي على كل مسلم.
حب الأوطان في السنة النبوية
وفي كلمته أوضح الدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر، أن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد غرس فينا حب الأوطان، وأمرنا بالدفاع عنها "من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"، ومن مات من المسلمين دفاعًا عن وطنه، فإنه مات يدافع عن جميع هذه الأمور أو دفاعًا عن بعضها. هذا الحديث النبوي الشريف يؤكد على أهمية الدفاع عن الوطن، ويعتبره من أعظم القربات إلى الله تعالى. فالدفاع عن الوطن ليس مجرد واجب وطني، بل هو فريضة دينية، ومن مات وهو يدافع عن وطنه، فإنه ينال الشهادة، وهي أعلى مراتب الجزاء عند الله تعالى. لذا فإن الدفاع عن الوطن فريضة شرعية تقتضي من كل منا أن يكون على وعي تام بالمخاطر والمؤامرات التي تحاك ضد بلادنا.
الوحدة والاصطفاف في مواجهة المخاطر
وحيث إن ربنا سبحانه وتعالى قد حذرنا من الفرقة والنزاع داعيًا إلى الوحدة والاصطفاف، فإننا من الجامع الأزهر نؤكد على أن الهوية الإسلامية تقتضي الحفاظ على الأوطان والدفاع عنها. فالوحدة والاصطفاف هما السلاح الأقوى في مواجهة الأعداء، وهما الضمانة للحفاظ على الوطن ومقدراته. فالأعداء يسعون دائمًا إلى إحداث الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد، حتى يسهل عليهم السيطرة عليه واستغلال ثرواته. لذلك، يجب علينا أن نكون على وعي تام بهذه المخاطر، وأن نعمل جاهدين على تعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ الفرقة والخلاف، وأن نكون صفًا واحدًا في مواجهة أي خطر يهدد وطننا.
الحفاظ على الأوطان مسؤولية عظيمة وواجب ديني
لهذا أدرك أعداء الإسلام منذ زمن بعيد أن إضعاف الأمة والقضاء عليها يكون بإحداث الفرقة والشقاق بين أبنائها، مما يسهل عليهم السيطرة على الأوطان والمقدرات، لذلك يجب على الأمة الإسلامية التمسك بوحدتها، وليعلم شباب الأمة أن الحفاظ على الأوطان ليس مجرد شعارات، بل هو مسؤولية عظيمة وواجب ديني. فالوطن ليس مجرد قطعة أرض، بل هو تاريخ وحضارة وقيم ومبادئ. وهو مستقبل الأجيال القادمة. لذلك، يجب علينا أن نحافظ على الوطن بكل ما أوتينا من قوة، وأن نضحي من أجله بكل غال ونفيس. فالحفاظ على الوطن هو حفاظ على هويتنا وكرامتنا ومستقبلنا.
الحرب الفكرية على الإسلام واستهداف الشباب
وحذر مدير الجامع الأزهر، شبابنا من الانسياق وراء هذه الدعوات المضللة التي تسعى لاقتلاعهم من جذورهم الإسلامية وتجردهم من تعاليم دينهم الحنيف، لأن الحرب الفكرية على الإسلام تستهدف بشكل أساسي شبابنا، من خلال زعزعة ثقتهم بدينهم وقيمهم الأصيلة، من خلال محاولات تشويه القدوة الحسنة ونشر التفاهات لإلهاء الشباب، مما يدفعهم نحو انتهاك المحرمات تحت ستار "الحريات المذمومة" التي لا تمت بصلة لمبادئنا الإسلامية، بهدف سلب أمتنا هويتها الإسلامية الأصيلة وإبعاد شبابنا عن المنهج القويم، كي يُسهل ذلك للأعداء السيطرة على مقدراتنا وبلادنا. فيجب على الشباب أن يكونوا على وعي تام بهذه المخاطر، وأن يتحصنوا بالعلم والمعرفة، وأن يتمسكوا بتعاليم دينهم الحنيف، وأن يحذروا من الدعوات المضللة التي تسعى إلى تضليلهم وإبعادهم عن طريق الحق.