وسط هذا القلق المتزايد بشأن تأثير الشاشات على صحة العين، ظهرت "نظارات فلتر الضوء الأزرق" كحل سحري يعد بالوقاية وتقليل الإجهاد البصري. تسويق لامع، وعدسات بلا لون، وسؤال واحد يبقى معلقًا، هل فعلاً تَحمي هذه النظارات أعيننا، أم أنها مجرد موضة تكنولوجية؟ في هذا التقرير، نتعمق في عالم نظارات فلتر الضوء الأزرق، ونستكشف فعاليتها بناءً على الدراسات العلمية والأدلة المتاحة، ونقدم نصائح عملية لتقليل إجهاد العين بغض النظر عن استخدام هذه النظارات.
لماذا نستخدم نظارات فلتر الضوء الأزرق؟
حسب التقرير فإن الناس يستخدمون نظارات الفلتر لحجب الضوء الأزرق لأنه أكثر عرضة لضرر أعيننا من أنواع الإضاءة الأخرى، فالشمس هي المصدر الطبيعي للضوء، والشاشات والأجهزة الإلكترونية الأخرى هي المصادر الثانوية. ينتقل هذا الضوء، سواءً كان طبيعيًا أو صناعيًا، على شكل طيف من الألوان، ولكل لون من هذه الألوان أطوال موجية مختلفة تُحدد طاقة كل لون، والضوء الأزرق هو الأكثر طاقةً مقارنةً بالأضواء المرئية الأخرى. لذلك، يستخدم الناس نظارات مُرشِّحة للضوء الأزرق لتخفيف إجهاد أعينهم، خاصةً عند التعرض لأضواء الشاشات لفترات طويلة. الفكرة الأساسية هي أن تقليل التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يمكن أن يقلل من إجهاد العين، ويحسن جودة النوم، ويحمي شبكية العين من التلف المحتمل على المدى الطويل. ومع ذلك، هل هذه الادعاءات مدعومة بأدلة علمية قوية؟ هذا ما سنستكشفه في الفقرة التالية.
هل النظارات المزودة بفلتر الضوء الأزرق مفيدة بالفعل؟
لا يُمكن الإجابة على هذا السؤال بشكل ثنائي، فهناك العديد من المتغيرات المُؤثرة، ومع ذلك، لا توجد دراسة علمية تُثبت فائدة هذه النظارات، خاصةً فيما يتعلق بتحسين البصر، أو تخفيف إجهاد العين، أو مساعدة الناس على النوم بشكل أفضل. حسب دراسة في المجلة الأمريكية لطب العيون، أُجريت على 120 شخصًا أفادوا بمعاناتهم من إجهاد العين الرقمي. أُعطي نصفهم نظارات شفافة والنصف الآخر نظارات حاجبة للضوء الأزرق، لكن المشاركين في الدراسة لم يعرفوا أي زوج نظارات حصلوا عليه، ثم طُلب من كل مشارك ارتداء نظاراته والعمل على جهاز كمبيوتر لبضع ساعات، وسؤالهم عن أعراض إجهاد العين لديهم، في نهاية الدراسة، وجد الباحثون أن المشاركين الذين حصلوا على نظارات حاجبة للضوء الأزرق لم يُظهروا أي فرق في أعراض إجهاد العين لديهم مقارنةً بالمشاركين الذين ارتدوا النظارات الشفافة، لم يكن للعدسات الحاجبة للضوء الأزرق أي تأثير على إجهاد العين الرقمي. هذا يشير إلى أن تأثير هذه النظارات قد يكون مبالغًا فيه، وأن العوامل الأخرى مثل وضعية الجلوس، والإضاءة المحيطة، وفترات الراحة المنتظمة قد تلعب دورًا أكبر في تقليل إجهاد العين.
بدائل فعالة لتقليل إجهاد العين
على الرغم من أن النظارات ذات الجودة الجيدة قد تساعد في حجب الضوء الأزرق إلى حد ما، إلا أنه من غير المرجح أن تؤدي إلى تحسن كبير في نظرك أو إجهاد العين. لحسن الحظ، هناك العديد من الاستراتيجيات الأخرى التي يمكنك اعتمادها لتقليل إجهاد العين بشكل فعال. من أهم هذه الاستراتيجيات هي تعديل بيئة العمل الخاصة بك. تأكد من أن الشاشة على بعد ذراعك، أو 25 بوصة، من عينيك. انظر إلى الشاشة قليلا إلى الأسفل. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أخذ فترات راحة منتظمة. استخدم قاعدة 20-20-20، والتي تعني النظر بعيدًا عن الشاشة إلى شيء يبعد مسافة 20 قدمًا على الأقل لمدة 20 ثانية كل 20 دقيقة، لأخذ استراحة للعينين. لا تنسَ ترطيب عينيك. استخدم الدموع الاصطناعية لتكملة الرطوبة في عينيك إذا كانت جافة. وأخيرًا، قم بتغيير الإضاءة داخل الغرفة وإعدادات التباين على الشاشة لتسهيل الرؤية على العينين. استخدم مرشح شاشة غير لامع إذا لزم الأمر. ارتدِ النظارات أثناء تشغيل الشاشة، إذا أوصى بها طبيب العيون أو أخصائي البصريات.
الخلاصة: نظارات فلتر الضوء الأزرق، بين الأمل والواقع
في الختام، على الرغم من أن نظارات فلتر الضوء الأزرق قد تبدو حلاً جذابًا لمشاكل إجهاد العين الرقمي، إلا أن الأدلة العلمية الحالية لا تدعم بشكل قاطع فعاليتها. من المهم التركيز على الاستراتيجيات الأخرى المثبتة لتقليل إجهاد العين، مثل تعديل بيئة العمل، وأخذ فترات راحة منتظمة، وترطيب العينين، وتعديل الإضاءة. إذا كنت تعاني من إجهاد العين بشكل مستمر، فمن الأفضل استشارة طبيب العيون لاستبعاد أي مشاكل طبية أخرى. تذكر أن الوقاية خير من العلاج، وأن العناية بصحة عينيك تتطلب اتباع عادات صحية ومستمرة، وليس الاعتماد على حلول سريعة قد لا تكون فعالة.