يحل اليوم الأحد الموافق ذكرى مرور 138 عامًا على ميلاد الفنان الكوميدي الراحل علي الكسار، أحد رواد المسرح والسينما المصرية. ولد الكسار في عام 1887، وبرز كنجم ساطع في سماء الفن المصري خلال النصف الأول من القرن العشرين. تميز بأسلوبه الفريد وشخصيته الكوميدية المحببة التي أسرت قلوب الجماهير من مختلف الأعمار والخلفيات. لم يكن الكسار مجرد ممثل كوميدي، بل كان فنانًا شاملاً أبدع في التمثيل والتأليف والإخراج، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن المصري.

 

"عثمان عبد الباسط".. شخصية صنعت التاريخ

اشتهر علي الكسار بشخصية "عثمان عبد الباسط"، تلك الشخصية النوبية البسيطة التي تعيش في القاهرة وتواجه مواقف كوميدية ساخرة. لقد أصبحت هذه الشخصية أيقونة للضحك في المسرح والسينما المصرية. تميز "عثمان عبد الباسط" بملابسه المميزة، وطريقته في الكلام، وحركاته المضحكة، وقدرته الفائقة على إضحاك الجمهور دون ابتذال أو إسفاف. لم تكن شخصية "عثمان عبد الباسط" مجرد شخصية كوميدية سطحية، بل كانت تحمل في طياتها نقدًا اجتماعيًا ساخرًا للعديد من القضايا والمشاكل التي كانت تواجه المجتمع المصري في تلك الفترة. استطاع الكسار من خلال هذه الشخصية أن يعبر عن آمال وآلام البسطاء من الناس، وأن يسلط الضوء على معاناتهم بطريقة فكاهية ومؤثرة.

 

مدرسة الكسار في التمثيل

أسس علي الكسار لنفسه مدرسة خاصة في التمثيل، تميزت بخفة الظل وبساطة الأداء والاعتماد على الموقف الكوميدي. كان يرفض التكلف والمبالغة في الأداء، ويفضل التركيز على الصدق والتلقائية في التعبير عن المشاعر. كان يؤمن بأن الكوميديا الحقيقية تنبع من القلب، وأن الممثل الكوميدي يجب أن يكون قادرًا على التواصل مع الجمهور بشكل مباشر وصادق. لقد أثرت مدرسة الكسار في التمثيل على العديد من الفنانين الكوميديين الذين جاءوا من بعده، وأصبحت مرجعًا أساسيًا لكل من أراد أن يتعلم فن الكوميديا الراقية.

 

أعمال خالدة في الذاكرة

قدم علي الكسار خلال مسيرته الفنية العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية الخالدة التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم. من بين أشهر مسرحياته "ألف ليلة وليلة"، و"علي بابا والأربعين حرامي"، و"راسين ومارسين". أما في السينما، فقد قدم العديد من الأفلام الناجحة مثل "سلفني ثلاثة جنيه"، و"نور الدين والبحارة الثلاثة"، و"خفير الدرك". تتميز هذه الأعمال بالكوميديا الراقية والحوارات الذكية والقصص الممتعة التي تجذب المشاهد من مختلف الأجيال. لقد استطاع الكسار من خلال هذه الأعمال أن يرسخ مكانته كواحد من أهم رواد الكوميديا في تاريخ الفن المصري.

 

إرث فني لا يُمحى

رحل علي الكسار عن عالمنا في عام 1957، لكن إرثه الفني لا يزال حيًا في قلوب محبيه. لقد ترك لنا الكسار كنزًا ثمينًا من الأعمال الفنية التي تضحكنا وتسعدنا وتذكرنا بالزمن الجميل. سيظل الكسار رمزًا للكوميديا المصرية الأصيلة، ومثالًا للفنان الموهوب الذي استطاع أن يسعد الملايين من الناس بفنه الراقي والمميز. في ذكرى ميلاده، نستذكر هذا الفنان العظيم بكل تقدير واحترام، ونتمنى أن تستمر أعماله في إلهام الأجيال القادمة من الفنانين الكوميديين.