تتصاعد حدة التوتر في قطاع غزة مع استمرار الاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية وقوات الجيش الإسرائيلي. أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مسؤوليتها عن قصف حشود إسرائيلية متمركزة على جبل الصوراني الواقع شرق حي التفاح بمدينة غزة، وذلك باستخدام قذائف الهاون. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية والتبادل الناري بين الطرفين، مما يزيد من معاناة المدنيين الفلسطينيين الذين يواجهون ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة. وتأتي هذه العمليات رداً على استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، والذي خلف دماراً واسع النطاق وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. وتشير التقارير الواردة من المنطقة إلى أن القصف المتبادل أدى إلى وقوع إصابات في صفوف الطرفين، إلا أنه لم يتم التأكد من حجم الخسائر بشكل دقيق حتى الآن. وتعتبر منطقة شرق حي التفاح من المناطق التي تشهد اشتباكات متكررة نظراً لقربها من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل، مما يجعلها منطقة ساخنة تشهد تصعيداً مستمراً في العمليات العسكرية.

 

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023. ووفقاً لبيان صادر عن الوزارة، فقد بلغ عدد الشهداء 57 ألفا و882 شهيداً، بالإضافة إلى إصابة 138 ألفا و95 شخصاً بجروح مختلفة. وتؤكد الوزارة أن هذه الأرقام تشمل جميع الضحايا الذين تم تسجيلهم في المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة، وأن العدد الفعلي للضحايا قد يكون أعلى من ذلك نظراً لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة بسبب استمرار القصف والعمليات العسكرية. وتوجه وزارة الصحة نداءات استغاثة عاجلة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي المتهالك في غزة، والذي يعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر البشرية المؤهلة. وتشدد الوزارة على ضرورة توفير ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع، وتمكين الفرق الطبية من الوصول إلى المصابين والجرحى لتقديم العلاج اللازم لهم.

وأفادت مصادر طبية في مستشفيات غزة باستشهاد 87 فلسطينياً بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي في مختلف أنحاء القطاع منذ فجر اليوم، من بينهم 29 شخصاً كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات الإنسانية. وتشير المصادر إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت بشكل مباشر تجمعات للمدنيين في عدة مناطق، مما أدى إلى وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا. وتعتبر هذه الحادثة دليلاً إضافياً على استهداف المدنيين الأبرياء من قبل الجيش الإسرائيلي، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. وتؤكد المصادر الطبية أن المستشفيات في غزة تعاني من اكتظاظ شديد بالجرحى والمصابين، وأن القدرة الاستيعابية للمستشفيات قد تجاوزت الحدود القصوى، مما يعيق تقديم الرعاية الطبية اللازمة لجميع المحتاجين. وتدعو المصادر إلى فتح تحقيق دولي عاجل في هذه الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها، وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

 

إن الوضع الإنساني في قطاع غزة يتدهور بشكل مستمر، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والكهرباء. وتفاقمت الأوضاع بشكل كبير بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات، والذي يمنع دخول المواد الأساسية والضرورية لحياة السكان. وتعتبر هذه القيود بمثابة عقاب جماعي للشعب الفلسطيني، وانتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية. وتطالب المنظمات الحقوقية الدولية بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية بشكل كامل ودون قيود. كما تدعو إلى توفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين، وضمان حقهم في الحياة الكريمة والأمن والاستقرار. وتؤكد على أن استمرار الصمت الدولي على هذه الجرائم يشجع إسرائيل على مواصلة انتهاكاتها، ويعمق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

 

ختاماً، يتطلب الوضع المتأزم في قطاع غزة تحركاً دولياً عاجلاً لوقف العدوان الإسرائيلي، وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، ورفع الحصار عن القطاع، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة. كما يتطلب الأمر إطلاق عملية سياسية جادة تهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. إن استمرار الصراع والعنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة والدمار، وتقويض فرص تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، وأن يعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة.