في إطار جهود الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وضمن فعاليات برنامج "سهرة في دوار العمدة" ومبادرة "مصر تتحدث عن نفسها" التي أطلقتها وزارة الثقافة، شهدت مدينة الطود بمحافظة الأقصر سلسلة من اللقاءات التثقيفية الهادفة إلى تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي. هذه المبادرات تأتي في صميم رؤية الدولة المصرية للحفاظ على هويتها وتعزيز انتمائها لتاريخها العريق. تضمنت الفعاليات المتنوعة محاضرات وورش عمل وعروض فنية، مما أتاح فرصة للمشاركة الفعالة من مختلف شرائح المجتمع، وخاصة الشباب والأطفال، لغرس قيم الاعتزاز بالتراث الوطني في نفوسهم. الهدف الأساسي هو تحويل الحفاظ على التراث إلى مسؤولية مجتمعية مشتركة.
محاضرة "كيفية الحفاظ على التراث الثقافي"
كانت المحاضرة التي ألقاها محمد الطيري، كبير معلمي اللغة العربية بالتربية والتعليم، نقطة انطلاق هامة في هذه الفعاليات. استهل الطيري حديثه بتعريف شامل للتراث، مؤكداً أنه ليس مجرد مجموعة من الآثار والمباني التاريخية، بل هو نتاج تفاعل الأجيال عبر العصور، ويشمل العادات والتقاليد والمعارف والمهارات التي تشكل هوية المجتمع وتعبر عن تاريخه. شدد المحاضر على أهمية فهم الأجيال الشابة لقيمة هذا التراث وكيفية نقله للأجيال القادمة. كما استعرض الطيري بشكل تفصيلي سبل الحفاظ على التراث، والتي تضمنت تعليم النشء الحرف اليدوية التقليدية، وحماية المواقع التراثية وتعزيز الوعي بأهميتها، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في توثيق التراث ورقمنته، والاحتفاء بالمناسبات الوطنية التي تجسد قيم الوحدة والانتماء، وتنظيم لقاءات وندوات للتعريف بالعادات والتقاليد الأصيلة. هذه العناصر المتكاملة تساهم في بناء جيل واعٍ بأهمية تراثه وقادر على صونه وحمايته.
ورش عمل وعروض فنية متنوعة
لم تقتصر الفعاليات على المحاضرات النظرية، بل تضمنت أيضاً ورش عمل فنية للأطفال قدمتها الفنانة شيرين محمد، حيث تم تدريب الأطفال على بعض الحرف اليدوية البسيطة، بهدف تنمية مهاراتهم وتعزيز ارتباطهم بالتراث الحرفي. كما قدمت ثناء محمود، أخصائي المكتبة العامة، ورشة حكي استعرضت خلالها مجموعة من الأمثال الشعبية التراثية، التي تعكس حكمة الأجداد وتجاربهم. تنوع الأنشطة يساهم في جذب انتباه مختلف الفئات العمرية. بالإضافة إلى ذلك، شهدت الفعاليات فقرة إلقاء قصائد شعرية للشاعر وليد الضوي، وفقرة إنشاد ديني لفرقة قصر ثقافة حاجر العديسات، وعروض فنية قدمها عدد من الأطفال الموهوبين، مما أضفى جواً من البهجة والتفاعل الإيجابي بين الحضور.
تكريم المتميزين واختتام الفعاليات
اختتمت الفعاليات بتكريم مصطفى عبد الله، عمدة مدينة الطود، بمنحه درع الهيئة وشهادة تقدير، تقديراً لجهوده في دعم الأنشطة الثقافية بالمدينة. كما تم تكريم رئيس المجلس المحلي وأبناء القرية المتميزين، تشجيعاً لهم على مواصلة الإبداع والتميز. حضر الفعاليات الدكتور بدوي مبروك، مدير عام الإدارة العامة لثقافة القرية، وعبد الحليم سعيد، مدير عام المراجعة والحوكمة، والعديد من مسئولي الثقافة والتنفيذيين، وأهالي القرية، مما يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الهيئة العامة لقصور الثقافة لنشر الوعي الثقافي في مختلف أنحاء الجمهورية. التكريم يعزز من دور الشخصيات المؤثرة في المجتمع.
جدير بالذكر أن هذه الفعاليات تأتي ضمن أنشطة الإدارة العامة لثقافة القرية، التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث، برئاسة د. حنان موسى، بالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي بإدارة محمود عبد الوهاب، وفرع ثقافة الأقصر، برئاسة حسين النوبي، ونفذت من خلال قصر ثقافة حاجر العديسات. التعاون المثمر بين مختلف الجهات الثقافية يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة. هذه الجهود المتكاملة تعكس التزام الهيئة العامة لقصور الثقافة بتعزيز الوعي الثقافي والحفاظ على التراث الوطني، وتأكيداً على أن الثقافة هي أساس التنمية والتقدم.