على مر التاريخ، اضطلعت هيئة الأوقاف القبطية بدور محوري في دعم العديد من المشاريع التنموية والخدمية في مصر. لم تكن هذه الهيئة مجرد مؤسسة دينية، بل كانت ولا تزال محركًا أساسيًا للخير والعطاء، يساهم بشكل فعال في بناء المجتمع وتقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا. إن الدور الذي لعبته الهيئة على مر العصور يعكس التزام الكنيسة القبطية تجاه شعبها ووطنها، ويؤكد على أهمية العمل الخيري والتكافل الاجتماعي في بناء مجتمع قوي ومتماسك. فمنذ نشأتها، سعت الهيئة إلى توجيه مواردها نحو تحقيق أهداف نبيلة، تركز على تحسين حياة الأفراد والمساهمة في التنمية المستدامة.

 

من أبرز المجالات التي دعمتها هيئة الأوقاف القبطية بناء المدارس وتوفير التعليم للجميع. إيمانًا منها بأهمية العلم والمعرفة في بناء مستقبل أفضل، قامت الهيئة بإنشاء العديد من المدارس في مختلف أنحاء مصر، لتقديم تعليم عالي الجودة للطلاب من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية. كما لم يقتصر دعم الهيئة على بناء المدارس فحسب، بل شمل أيضًا توفير المنح الدراسية والمساعدات المالية للطلاب المحتاجين، لتمكينهم من إكمال تعليمهم وتحقيق طموحاتهم. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الهيئة في تطوير المناهج التعليمية وتدريب المعلمين، لضمان تقديم تعليم متميز يواكب التطورات الحديثة. هذا الدعم التعليمي المستمر يعكس رؤية الهيئة بأن التعليم هو أساس التنمية والتقدم، وأنه حق أساسي يجب أن يتمتع به الجميع.

 

لم يقتصر دور هيئة الأوقاف القبطية على دعم التعليم فحسب، بل امتد ليشمل أيضًا دعم الأسر المحتاجة وتمويل المستشفيات والمراكز الصحية. إدراكًا منها للظروف الصعبة التي تواجهها بعض الأسر، قامت الهيئة بتوفير المساعدات الغذائية والمالية للأسر المحتاجة، لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية. كما قامت الهيئة بتمويل المستشفيات والمراكز الصحية، لتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمرضى والمحتاجين. وشمل هذا التمويل توفير الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة، وتدريب الكوادر الطبية، وتقديم الأدوية والعلاجات المجانية للمرضى غير القادرين. هذا الدعم الصحي المستمر يعكس التزام الهيئة بتوفير الرعاية الصحية للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية.

 

بالإضافة إلى ذلك، لعبت هيئة الأوقاف القبطية دورًا هامًا في رعاية الأيتام والمسنين. إيمانًا منها بأهمية توفير الرعاية والحماية للفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، قامت الهيئة بإنشاء دور الأيتام ودور المسنين، لتوفير الرعاية الشاملة للأيتام والمسنين. وشملت هذه الرعاية توفير السكن والغذاء والملبس والرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية. كما قامت الهيئة بتنظيم العديد من الأنشطة والبرامج الترفيهية والتعليمية للأيتام والمسنين، لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع والشعور بالسعادة والرضا. هذا الدعم المستمر للأيتام والمسنين يعكس التزام الهيئة بحماية حقوقهم وتوفير حياة كريمة لهم.

 

كما ساهمت هيئة الأوقاف القبطية في الحفاظ على التراث القبطي من خلال صيانة الكنائس والأديرة القديمة، التي تمثل جزءًا هامًا من التاريخ المصري المسيحي. وتواصل الهيئة اليوم عملها في إطار رؤية الكنيسة القبطية التي تسعى إلى تعزيز الهوية القبطية، ودعم التنمية المستدامة، وتقديم خدمات إنسانية متكاملة، مع الحرص على الشفافية والإدارة الحكيمة للأوقاف. وبهذا الدور الحيوى، تظل هيئة الأوقاف القبطية منارات للعطاء والخدمة، تعكس روح المحبة والتكافل التى تميز الكنيسة القبطية في مصر. إن استمرار عمل الهيئة بهذه الروح يعكس قوة الإيمان والتفاني في خدمة المجتمع، ويؤكد على أن العطاء والخير هما أساس بناء مجتمع قوي ومزدهر.