تعتبر الأهلية القانونية شرطًا أساسيًا لمباشرة الحقوق السياسية، وبالتالي فإن فقدان هذه الأهلية أو وجود قصور فيها يؤدي إلى منع الشخص من ممارسة هذه الحقوق. وفقًا للنص المعطى، يُمنع من مباشرة الحقوق السياسية كل من كان محجورًا عليه طوال مدة الحجر. الحجر هو إجراء قانوني يتم بموجبه تقييد أو سلب أهلية الشخص للتصرف في أمواله وحقوقه، وذلك لحمايته من استغلاله أو تبديد أمواله. يتم الحجر عادةً بسبب عارض من عوارض الأهلية كالسفه أو الجنون. مدة الحجر هي المدة التي يستمر فيها هذا الإجراء القانوني ساريًا، وخلالها لا يجوز للشخص المحجور عليه ممارسة حقوقه السياسية، بما في ذلك حق الانتخاب والترشح. بالإضافة إلى ذلك، يُمنع من مباشرة الحقوق السياسية المصاب باضطراب نفسي أو عقلي طوال مدة احتجازه الإلزامي بإحدى منشآت الصحة النفسية، وذلك طبقًا للأحكام الواردة في قانون رعاية المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009. يهدف هذا المنع إلى ضمان أن يكون الشخص الذي يمارس حقوقه السياسية في كامل قواه العقلية وقادرًا على اتخاذ قرارات واعية ومستنيرة. الاحتجاز الإلزامي هو إجراء يتم بموجبه إيداع المريض النفسي في منشأة صحية نفسية للعلاج والرعاية، وذلك إذا كان يشكل خطرًا على نفسه أو على الآخرين. مدة الاحتجاز الإلزامي تحددها الجهات المختصة وفقًا لأحكام القانون، وخلالها لا يجوز للمريض ممارسة حقوقه السياسية.

 

ثانيًا: موانع تتعلق بالأحكام القضائية الجنائية

تتضمن هذه الفئة من الموانع الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية في جرائم معينة، مما يدل على عدم صلاحيتهم لممارسة الحقوق السياسية. تشمل هذه الجرائم التهرب من أداء الضريبة أو ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة 132 من قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005. التهرب الضريبي هو جريمة اقتصادية خطيرة تؤثر على موارد الدولة وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين. كما يُمنع من مباشرة الحقوق السياسية من صدر ضده حكم نهائي لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية. يهدف هذا المرسوم إلى حماية نزاهة العملية السياسية ومنع أي ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية قد تؤثر على نتائج الانتخابات أو على سير العملية الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، يُمنع من صدر ضده حكم نهائي من محكمة القيم بمصادرة أمواله. تصادر الأموال عادةً في الحالات التي يثبت فيها أن الأموال قد تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة أو من خلال ارتكاب جرائم فساد. كما يُمنع من صدر ضده حكم نهائي بفصله، أو بتأييد قرار فصله، من خدمة الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، لارتكابه جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة. الفصل من الوظيفة العامة بسبب جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة يدل على أن الشخص قد ارتكب سلوكًا مشينًا لا يتفق مع قيم النزاهة والاستقامة التي يجب أن يتحلى بها الموظف العام.

 

موانع أخرى تتعلق بالسجل الجنائي

تتضمن هذه الفئة أيضًا من صدر ضده حكم نهائي، لارتكابه إحدى جرائم التفالس بالتدليس أو بالتقصير. التفالس هو الإفلاس، ويعتبر التفالس بالتدليس جريمة إذا قام الشخص المدين بإخفاء أمواله أو تهريبها بهدف الإضرار بدائنيه. كما يُمنع المحكوم عليه بحكم نهائي في جناية. الجناية هي جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بعقوبات مشددة، مثل السجن المؤبد أو الإعدام. بالإضافة إلى ذلك، يُمنع من صدر ضده حكم نهائي بمعاقبته بعقوبة سالبة للحرية، لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل السابع من هذا القانون. كما يُمنع من صدر ضده حكم نهائي بمعاقبته بعقوبة الحبس لارتكابه جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو رشوة أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية. أو لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني بشأن اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر أو في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات بشأن هتك العرض وإفساد الأخلاق. هذه الجرائم تعتبر خطيرة وتؤثر على الأمن العام والنظام الاجتماعي. تعتبر هذه الأحكام القضائية بمثابة دليل على أن الشخص قد ارتكب سلوكًا غير قانوني أو غير أخلاقي، مما يجعله غير جدير بممارسة الحقوق السياسية.

 

مدة الحرمان من الحقوق السياسية

تختلف مدة الحرمان من الحقوق السياسية باختلاف نوع الجريمة والعقوبة المحكوم بها. في الحالات المنصوص عليها في البنود (1، 2، 5، 6، 7، 8) المذكورة أعلاه، تكون مدة الحرمان ست سنوات من تاريخ تنفيذ العقوبة. أما في البندين (3، 4)، فتكون المدة ست سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم. تهدف هذه المدد إلى إعطاء الشخص فرصة لإعادة تأهيله وإثبات جدارته بممارسة الحقوق السياسية مرة أخرى. ومع ذلك، لا يسري الحرمان في الحالات المنصوص عليها في البنود السابقة إذا أوقف تنفيذ العقوبة أو رد إلى الشخص اعتباره. وقف تنفيذ العقوبة يعني أن المحكمة قررت عدم تنفيذ العقوبة الأصلية، في حين أن رد الاعتبار هو إجراء قانوني يتم بموجبه محو الآثار الجنائية للحكم السابق، مما يسمح للشخص باستعادة حقوقه المدنية والسياسية.

 

الهدف من موانع مباشرة الحقوق السياسية

الهدف الأساسي من موانع مباشرة الحقوق السياسية هو ضمان نزاهة العملية السياسية وحماية المجتمع من أي تأثير سلبي قد ينتج عن مشاركة أشخاص غير مؤهلين في هذه العملية. تهدف هذه الموانع إلى التأكد من أن الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم السياسية يتمتعون بالأهلية القانونية والأخلاقية اللازمة، وأنهم لم يرتكبوا أفعالًا تتعارض مع قيم النزاهة والاستقامة. كما تهدف إلى حماية المجتمع من أي خطر قد يشكله الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية في جرائم معينة، وضمان أن تكون العملية السياسية خالية من أي تأثير غير مشروع أو غير أخلاقي. بالإضافة إلى ذلك، تهدف هذه الموانع إلى تشجيع المواطنين على احترام القانون والالتزام بالقيم الأخلاقية، والتأكد من أن كل شخص يتحمل مسؤولية أفعاله ويتعامل بجدية مع الحقوق والواجبات المترتبة على المواطنة. إن وجود هذه الموانع يساهم في تعزيز الثقة في العملية الديمقراطية وضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وتعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب.