تؤكد الدكتورة أماني أبو زيد، مفوضة البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقي، على الدور المحوري الذي تلعبه الطاقة في تحقيق نهضة القارة الأفريقية وتحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة 2063. ففي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه القارة، من فقر مدقع وتغيرات مناخية حادة، تبرز الطاقة كعنصر أساسي لتمكين المجتمعات وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. إن الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة ليس مجرد هدف تقني، بل هو ضرورة حتمية لتحسين جودة الحياة، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الابتكار، وبناء مستقبل مزدهر لأفريقيا.
تعتبر أفريقيا قارة غنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى الكهرباء محدودًا للغاية، حيث يعيش ملايين الأفارقة في مناطق نائية محرومة من أبسط الخدمات الأساسية. هذا النقص في الطاقة يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويحد من فرص التعليم والصحة والتوظيف. لذلك، من الضروري الاستثمار في تطوير البنية التحتية للطاقة، وتشجيع الابتكار في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وتوفير الدعم المالي والفني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في قطاع الطاقة. يجب أن يكون هناك تركيز خاص على تطوير حلول الطاقة اللامركزية، مثل أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية والشبكات الصغيرة، لتلبية احتياجات المجتمعات الريفية والنائية.
إن التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة لا يساهم فقط في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ومكافحة تغير المناخ، بل يخلق أيضًا فرصًا اقتصادية جديدة ويحسن الأمن الطاقي. يمكن لأفريقيا أن تصبح رائدة في مجال الطاقة المتجددة، وأن تصدر الطاقة النظيفة إلى بقية العالم. يتطلب ذلك وضع سياسات واستراتيجيات طموحة تدعم الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتوفر حوافز للمطورين والمستثمرين، وتزيل الحواجز التنظيمية والإدارية. يجب أيضًا تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال الطاقة، وتبادل الخبرات والمعرفة، وتطوير مشاريع مشتركة للطاقة المتجددة.
إن الاستثمار في التعليم والتدريب في مجال الطاقة أمر بالغ الأهمية لبناء القدرات المحلية وتطوير المهارات اللازمة لتشغيل وصيانة البنية التحتية للطاقة المتجددة. يجب أن تركز البرامج التعليمية والتدريبية على تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وإدارة الطاقة، وكفاءة الطاقة، وريادة الأعمال في مجال الطاقة. يجب أيضًا تشجيع مشاركة المرأة في قطاع الطاقة، وتوفير فرص متساوية للنساء والرجال في الحصول على التعليم والتدريب والتوظيف. إن تمكين المرأة في قطاع الطاقة يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
ختاماً، تؤكد الدكتورة أماني أبو زيد على أن الطاقة ليست مجرد سلعة، بل هي محرك أساسي للتنمية والتقدم. إن الاستثمار في الطاقة النظيفة والمستدامة هو استثمار في مستقبل أفريقيا، وفي مستقبل العالم. يجب على الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني العمل معًا لتحقيق هدف الوصول الشامل إلى الطاقة بحلول عام 2030، وبناء مستقبل مزدهر ومستدام لأفريقيا.