تعاني مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، من تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية، وذلك في ظل استمرار الصراع المسلح وانعدام الأمن الغذائي. الحصار الخانق الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة يزيد من تفاقم الأزمة، حيث تتعرض المدينة بشكل شبه يومي للقصف المدفعي والهجمات بالطائرات المسيرة، مما يعرض المدنيين لخطر محدق. وقد دعا أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى فرض هدنة إنسانية لمدة أسبوع في الفاشر، وهو الطلب الذي وافق عليه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد القوات المسلحة السودانية، إلا أن الدعم السريع لم تعلن موافقتها على الهدنة، واستمرت في هجماتها على المدينة. هذا الوضع المأساوي يضع الفاشر على شفا كارثة إنسانية شاملة، تتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لإنقاذ حياة المدنيين وتوفير المساعدات الضرورية. الأوضاع تتدهور بسرعة، مما يستدعي تحركاً فورياً لضمان وصول الغذاء والدواء والمياه النظيفة إلى المحتاجين.

 

تفشي سوء التغذية الحاد بين الأطفال

كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية "أوتشا" عن تفشي سوء التغذية الحاد بين الأطفال بصورة واسعة النطاق في مراكز الإيواء بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور. ووفقًا لتقييم أجراه شركاء العمل الإنساني والسلطات المحلية، يعاني 38% من الأطفال دون سن الخامسة في مواقع النزوح بالفاشر من سوء التغذية الحاد، منهم 11% يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. هذا الوضع ينذر بكارثة صحية، حيث أن الأطفال هم الأكثر عرضة للمضاعفات الصحية الخطيرة نتيجة لنقص الغذاء. إن انهيار خدمات المياه والصرف الصحي وانخفاض تغطية التطعيم، يزيد من خطر تفشي الأمراض، مما يعرض حياة الأطفال للخطر. يجب توفير الغذاء والدواء بشكل عاجل للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى تحسين خدمات المياه والصرف الصحي لتقليل خطر تفشي الأمراض. الوضع يتطلب استجابة فورية ومنسقة من جميع الأطراف المعنية لإنقاذ حياة الأطفال وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم.

 

نزوح جماعي وتدهور الخدمات الأساسية

أجبر القتال والقصف العشوائي قرابة 782 ألف شخص على النزوح من الفاشر ومخيم زمزم جنوب غرب المدينة، حيث اجتاحت قوات الدعم السريع المخيم في أبريل، مما أدى إلى فرار 99% من النازحين فيه. هذا النزوح الجماعي يضع ضغوطاً هائلة على الموارد المحدودة المتاحة في المناطق التي نزح إليها السكان، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. تفرض الدعم السريع حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر، حيث تنشر قوات الدعم السريع مئات المقاتلين في الطرق المؤدية إلى الفاشر، لمنع وصول السلع والإغاثة والأدوية إلى المدينة التي شُيِّدت حولها خنادق عميقة لتشديد الحصار، وفقاً لوسائل إعلام محلية. هذا الحصار يمنع وصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المحتاجين، ويزيد من معاناة السكان. يواجه العالقون في الفاشر نقصاً حاداً في الغذاء والمياه النظيفة، كما تعطل عمل الأسواق، ودُمِّرت معظم البنية التحتية للمياه، فيما توقف عمل الباقي نظراً لنقص الوقود وعدم إجراء الصيانة. هذا الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً لرفع الحصار وتوفير المساعدات الإنسانية الضرورية للسكان.

 

ارتفاع أعداد النازحين إلى أكثر من مليون شخص

أكدت منظمة الهجرة الدولية ارتفاع أعداد النازحين من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إلى أكثر من مليون شخص. وقالت منظمة الهجرة، في بيان إن 1.014.748 شخصًا جرى تهجيرهم من محلية الفاشر، بما يمثل أكثر من 10% من إجمالي النازحين داخليًا في السودان، وأشارت إلى أن أعداد الذين فرّوا من مدينة الفاشر ومخيم زمزم وصلت إلى 718.998 شخصًا، بما يعادل 155.602 أسرة. وكشفت عن نزوح 99% من سكان مخيم زمزم الواقع على بُعد 12 كيلو متراً جنوب غرب الفاشر، بعدد أفراد بلغ 498.955 شخصاً، منهم 436.685 فرداً فرّوا إلى 26 موقعاً في أربع ولايات. هذا الارتفاع الكبير في أعداد النازحين يضع ضغوطاً هائلة على الموارد المتاحة، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. يجب توفير المأوى والغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية للنازحين، بالإضافة إلى حمايتهم من العنف والاستغلال. الوضع يتطلب استجابة فورية ومنسقة من جميع الأطراف المعنية لتلبية احتياجات النازحين وتوفير الحماية اللازمة لهم.

 

النزوح عبر الحدود إلى تشاد

لجأ 1.1 مليون سوداني إلى تشاد منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، يمثّلون 27% من إجمالي عدد الذين عبروا الحدود هربًا من الحرب والعنف. وقالت منظمة الهجرة إنها وثّقت 117 حادثًا تسبب أو حفّز على النزوح في شمال دارفور منذ اندلاع النزاع، منها 85% تتعلق بهجمات أو اشتباكات مسلّحة، فيما البقية ناتجة عن مخاطر طبيعية مثل الفيضانات والحرائق. وقدّرت المنظمة وجود 1.974.958 نازحًا في شمال دارفور، بما يمثّل 20% من إجمالي النازحين داخليًا، حيث يقيم 46% في مراكز إيواء، و29% مع عائلات مضيفة، والبقية في المدارس والمرافق العامة والملاجئ المؤقتة والمساكن المستأجرة. وتوقّعت استمرار موجات النزوح بسبب الاشتباكات، خاصة من الفاشر إلى طويلة ومليط وكتم، كما رجّحت استمرار الحركة عبر الحدود إلى تشاد، خاصة مع النزوح المتكرر للأسر. هذا النزوح عبر الحدود يضع ضغوطاً هائلة على تشاد، التي تعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية واجتماعية. يجب على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم لتشاد لمساعدتها في استضافة اللاجئين السودانيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية.