أدت الحرب المشتعلة في السودان بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع إلى تدهور كبير في المنشآت الصحية، حيث تستمر الأخيرة في استهداف المراكز الصحية والمستشفيات بشكل ممنهج. هذا الاستهداف أدى إلى خروج العديد من هذه المرافق عن العمل، مما فاقم الأزمة الإنسانية والصحية في البلاد. المنظمات الإنسانية تدق ناقوس الخطر، محذرة من أن 70% من المرافق الصحية مغلقة أو بالكاد تعمل، مما يؤثر سلبًا على تقديم الخدمات الصحية الضرورية للسودانيين الذين يعانون من ظروف قاسية نتيجة استمرار الأعمال العسكرية وانتشار الأوبئة.
منظمة أطباء بلا حدود: الوصول إلى الرعاية الصحية مستحيل تقريبًا
في تقرير جديد بعنوان "محاصرون، مهاجمون"، أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن الوصول إلى الرعاية الصحية في السودان يكاد يكون مستحيلاً بسبب الهجمات المنهجية على المراكز الصحية. المرافق التشغيلية المتبقية تتعرض لتهديد مستمر، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا. ميشيل أوليفييه لاشاريتى، رئيس عمليات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، دعا جميع الأطراف المتحاربة إلى وقف العنف ضد المرافق الصحية المدنية والبنية التحتية المدنية، وتسهيل الاستجابة الإنسانية واسعة النطاق. هذا النداء يعكس مدى خطورة الوضع وتأثيره المباشر على حياة المدنيين.
منظمة أنقذوا الأطفال: تضاعف الهجمات على المستشفيات
منظمة "أنقذوا الأطفال" أعربت عن مخاوف مماثلة، مشيرة إلى أن الهجمات على المستشفيات تضاعفت ثلاث مرات في النصف الأول من هذا العام. قُتل أكثر من 900 شخص أثناء سعيهم للحصول على الرعاية الصحية أو مرافقة شخص ما إلى المستشفى، وهو ما يزيد 60 مرة عن عدد الوفيات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا الارتفاع الملحوظ في الهجمات يظهر أن المرافق الصحية لم تعد أماكن آمنة، وأن المدنيين يدفعون ثمنًا باهظًا نتيجة هذا العنف. المستشفيات الكبرى والعيادات والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف والقوافل الطبية تتعرض لهجمات قاتلة في بلد يحتاج نصف سكانه إلى مساعدات إنسانية.
الوضع في الفاشر: أزمة رعاية صحية حادة
حذرت منظمة أطباء بلا حدود بشكل خاص من العنف في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والذي جعل من المستحيل تقريبًا على السكان هناك ومخيمات النازحين القريبة الحصول على الرعاية الصحية. حتى إبريل، لم يبقَ سوى مستشفى واحد ذي قدرة جراحية يعمل جزئيًا، ويخدم ما يُقدَّر بأكثر من مليون نسمة. على مدار العام الماضى، قُتل العديد من المرضى ومقدمى الرعاية لهم أثناء وجودهم داخل منشأة طبية تدعمها منظمة أطباء بلا حدود. هذا الوضع المأساوي يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتوفير الحماية للمرافق الصحية والعاملين فيها، وضمان وصول المدنيين إلى الرعاية الطبية الأساسية.
دعوة للمجتمع الدولي للتحرك العاجل
حث لاشاريتى أيضًا المجتمع الدولى على اتخاذ إجراءات أقوى لمعالجة الأزمة فى السودان، وقال :"نطلب من الجهات الفاعلة الدولية، والدول الأعضاء فى الأمم المتحدة وهيئاتها، والدول التى لها نفوذ على الأطراف المتحاربة، والتى تقدم لهم الدعم العسكرى والاقتصادى والدبلوماسي: أن يستخدموا كل نفوذهم لمنع المزيد من الفظائع الجماعية، وأن يضعوا حماية المدنيين فى صميم تعاملهم مع الأطراف المتحاربة". الحرب الأهلية في السودان مستمرة منذ أبريل 2023، وأدت إلى مقتل نحو 40 ألف شخص ونزوح ما يقرب من 13 مليون شخص. من بقوا في البلاد يواجهون انعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة، ويتعرضون لأمراض، منها الكوليرا، التي لا يزال من الصعب احتواؤها بسبب انهيار نظام الرعاية الصحية. وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية هما أمران ضروريان لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة.
ال