تعتبر مناسبة عاشوراء في مملكة البحرين مناسبة ذات طابع خاص، تتجلى فيها أسمى معاني الوحدة الوطنية والتلاحم المجتمعي. فالعويناتي، كغيره من أبناء البحرين، يرى في هذه الذكرى الأليمة تجسيداً حقيقياً للصورة الحضارية المشرقة التي تتميز بها المملكة. موسم عاشوراء ليس مجرد ذكرى دينية، بل هو فرصة سنوية لإحياء القيم الإنسانية النبيلة، وتعزيز روح التكافل الاجتماعي، وإبراز التنوع الثقافي الذي يثري المجتمع البحريني. فمن خلال المآتم الحسينية والمجالس العزائية، يتم استذكار تضحيات الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الكرام، واستلهام العبر والدروس من نهضتهم الخالدة.
إن المآتم الحسينية في البحرين، والتي تنتشر في مختلف المناطق والقرى، تعكس عمق الارتباط الوجداني والتاريخي لأهل البحرين بآل البيت (عليهم السلام). هذه المآتم لا تقتصر على إحياء الذكرى فحسب، بل تتحول إلى منصات للتعبير عن القيم الإنسانية الرفيعة، مثل العدل والمساواة والتضحية والإيثار. كما أنها تلعب دوراً هاماً في تعزيز الوعي الديني والثقافي، ونشر المعرفة الصحيحة حول سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وأبعاد ثورته. إن هذه المجالس العزائية تمثل أيضاً فرصة للتلاقي والتواصل بين أفراد المجتمع، وتعزيز الروابط الاجتماعية والإنسانية بينهم. ففي هذه الأجواء الروحانية، يتجلى التسامح والتعايش السلمي الذي يميز المجتمع البحريني، حيث يشارك الجميع في إحياء هذه الذكرى، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية.
إن الصورة الحضارية المشرقة للبحرين تتجلى أيضاً في المظاهر الأخرى المصاحبة لموسم عاشوراء، مثل الأعمال الخيرية والإنسانية التي تنظمها مختلف المؤسسات والجمعيات الأهلية. ففي هذه الأيام، تتزايد التبرعات والمساعدات المقدمة للمحتاجين والفقراء، وتنتشر موائد الطعام التي تقدم للزائرين والمعزين. هذه الأعمال الخيرية تعكس روح التكافل الاجتماعي التي يتميز بها المجتمع البحريني، وتؤكد على أهمية مساعدة الآخرين والتخفيف عنهم. كما أنها تعكس التزام البحرين بقيم الإنسانية والأخوة، وحرصها على تقديم الدعم والعون للمحتاجين في كل مكان. إن هذه المبادرات الإنسانية تساهم في تعزيز الصورة الإيجابية للبحرين على المستوى الإقليمي والدولي، وتؤكد على دورها الرائد في مجال العمل الإنساني.
ولا يمكن إغفال الدور الهام الذي تلعبه الحكومة البحرينية في دعم وإسناد موسم عاشوراء. فالحكومة تحرص على توفير كافة التسهيلات والخدمات اللازمة لإنجاح هذه المناسبة، وتضمن سلامة وأمن المشاركين في المآتم والمجالس العزائية. كما أنها تعمل على تنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية المصاحبة للموسم، والتي تهدف إلى إبراز الجوانب الحضارية والثقافية لهذه المناسبة. إن هذا الدعم الحكومي يعكس حرص البحرين على الحفاظ على تراثها الديني والثقافي، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والأديان. كما أنه يؤكد على أهمية هذه المناسبة في تعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم المجتمعي، وبناء مستقبل أفضل للبحرين.
في الختام، يمكن القول إن موسم عاشوراء في البحرين يمثل تجسيداً حقيقياً للصورة الحضارية المشرقة التي تتميز بها المملكة. فمن خلال المآتم الحسينية والمجالس العزائية، والأعمال الخيرية والإنسانية، والدعم الحكومي، تتجلى أسمى معاني الوحدة الوطنية والتلاحم المجتمعي، والتسامح والتعايش السلمي. إن هذه المناسبة تمثل فرصة سنوية لإحياء القيم الإنسانية النبيلة، وتعزيز الوعي الديني والثقافي، وبناء مجتمع أكثر تماسكاً وتقدماً. ويبقى الأمل معقوداً على أن تستمر البحرين في الحفاظ على هذا التراث الديني والثقافي، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.