أوضح الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الفرق الجوهري بين الرهن المشروع في الشريعة الإسلامية والمراهنة المحرّمة، وذلك خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين في برنامج "فتاوى الناس" على قناة الناس. وأكد الدكتور شلبي أن الإسلام وضع ضوابط دقيقة لكل منهما، بهدف حفظ الحقوق ومنع الظلم، مشيراً إلى أن الرهن يُعد وسيلة شرعية لضمان الحقوق المالية، بينما المراهنة تُعتبر من أكل أموال الناس بالباطل.
الرهن: ضمان مشروع لحفظ الحقوق
عرّف الدكتور شلبي الرهن بأنه "جعل شيء مالي كضمان لدَين، بحيث إذا تعذر السداد يمكن لصاحب الحق أن يستوفى منه حقه". وأشار إلى أن الرهن مشروع في الإسلام، مستدلاً بالسنة النبوية، حيث رهن النبي ﷺ درعه عند يهودي. وأكد أن الرهن يتم باتفاق الطرفين، ولا يجوز فيه الإكراه، لأنه عقد قائم على التراضي، مستشهداً بقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ}. وأضاف أن الرهن ليس قرضًا بفائدة، بل هو عقد مستقل عن القرض، ويأتي لضمانه فقط. أما إذا كان القرض نفسه فيه زيادة مشروطة (فائدة)، فهذا هو الربا المحرم شرعًا.
المراهنة: محرمة لما فيها من غرر وأكل لأموال الناس بالباطل
في المقابل، أوضح أمين الفتوى أن المراهنة أو المقامرة محرمة في الإسلام، لأنها مبنية على الغرر والمخاطرة، وتؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل. واستشهد بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}. وأكد أن الإسلام يحرم كل ما فيه ضرر للفرد والمجتمع، وأن المراهنة تُعتبر من الأعمال التي تفسد الأخلاق وتضيع الأموال.
التمييز بين المعاملات: ضرورة الفهم والتحقيق
شدد الدكتور شلبي على ضرورة فهم حقيقة المعاملات وعدم التسرع بالحكم عليها بمجرد أسمائها. وأضاف: "لابد أن نفرّق بين الصور المختلفة مثل القرض، الإيجار، التمويل، الاستثمار، أو المضاربة، فكل صورة لها أحكامها، ولا يجوز الخلط بينها دون تحقيق وفهم". وأكد أن دار الإفتاء المصرية تسعى دائمًا إلى توضيح الأحكام الشرعية للمعاملات المالية المعاصرة، بهدف مساعدة المسلمين على الالتزام بتعاليم الدين في حياتهم اليومية.
الفتوى في خدمة المجتمع: توضيح المفاهيم وتصحيح الأخطاء
تأتي هذه الفتوى في إطار جهود دار الإفتاء المصرية لتوعية المجتمع بأحكام الشريعة الإسلامية في مختلف المجالات، وخاصة المعاملات المالية، التي تتطلب فهمًا دقيقًا وتفريقًا بين الحلال والحرام. وتهدف الدار من خلال هذه الفتاوى إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوضيح الأحكام الشرعية، بما يساهم في بناء مجتمع مسلم ملتزم بتعاليم دينه وقيمه.