وافق مجلس النواب المصري، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، في جلسته العامة المنعقدة اليوم، على مشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، وذلك في مجموعه. وقد تم تأجيل أخذ الرأي النهائي على مشروع القانون إلى جلسة لاحقة. يأتي هذا القرار بعد مناقشات مستفيضة داخل لجنة التعليم بمجلس النواب، والتي أدخلت بدورها عدداً من التعديلات الهامة على مشروع القانون الأصلي المقدم من الحكومة. تهدف هذه التعديلات إلى تطوير المنظومة التعليمية في مصر، وتوفير خيارات تعليمية متنوعة للطلاب، مع الحفاظ على جودة التعليم ومجانيته.
أبرز التعديلات التي أدخلتها لجنة التعليم
من أبرز التعديلات التي أدخلتها لجنة التعليم بمجلس النواب على مشروع القانون، توضيح نظام البكالوريا بنصوص صريحة في مشروع القانون، بدلاً من ذكره في المذكرة الإيضاحية فقط. يهدف هذا التوضيح إلى تمكين الطلاب وأولياء الأمور من فهم كامل لنظام البكالوريا، وتقديم صورة واضحة لهم لاختيار النظام التعليمي الأنسب، سواء كان الثانوية العامة أو البكالوريا. كما أكدت اللجنة على أن نظام البكالوريا سيكون اختيارياً ومجانياً، ومدته ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد في مشروع القانون على عدم المساس بنظام الثانوية العامة الحالي، وأن كافة الأنظمة التعليمية ستكون اختيارية أمام الطلاب، مما يضمن عدم فرض أي نظام تعليمي على الطلاب وأولياء الأمور.
وشملت التعديلات أيضاً تخفيض الرسوم الواردة في مشروع القانون المقدم من الحكومة، ووضع حد أقصى لها، وذلك للتخفيف على الأسر المصرية. كما تم الإلزام بتخصيص نسبة مئوية لأعمال السنة لا تتجاوز 20% لطلاب نهاية مرحلة التعليم الأساسي، بهدف القضاء على ظاهرة عدم حضور الطلاب، وتشجيعهم على الانتظام في الدراسة. ومن الجدير بالذكر أن اللجنة قامت بحذف التعديلات الواردة من الحكومة على بعض مواد القانون القائم، والتي أثارت إشكاليات دستورية وقانونية، والإبقاء على هذه المواد كما هي في القانون القائم، وذلك حفاظاً على استقرار المنظومة التعليمية وتجنب أي طعون دستورية محتملة.
كما أكدت اللجنة على مجانية التعليم، وتقليص صلاحيات السلطة التنفيذية في زيادة الرسوم المقررة للامتحان للمرات التالية. وتم النص على أن يراعى في قبول الطلاب بالجامعات أعداد الطلاب المتقدمين بكل نظام من أنظمة التعليم الثانوي، بما يضمن المساواة وتكافؤ الفرص بينهم، خاصة طلاب نظامي الثانوية العامة والبكالوريا. وأبقت اللجنة على نصوص بعض المواد التي ارتأت الحكومة حذفها، وذلك لتلافي شبهة عدم الدستورية، باعتبار أن هذه المواد تضمنت أحكاماً تفصيلية هامة استقرت عليها الأنظمة التعليمية. هذه التعديلات مجتمعة تهدف إلى تحقيق توازن بين تطوير المنظومة التعليمية والحفاظ على حقوق الطلاب وأولياء الأمور.
أكد النائب سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، خلال استعراضه لتقرير اللجنة المشتركة بشأن مشروع قانون الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون التعليم، أن مشروع القانون لا يمس بنظام الثانوية العامة الحالي، وأنه باقٍ كما هو دون تغيير. وشدد على أن الهدف من المشروع هو إضافة نظام "البكالوريا المصرية" كنظام اختياري إلى جانب الثانوية العامة، وليس استبدالها. وأوضح أن المشروع يُتيح للطالب الاختيار بين نظامين متكافئين في القيمة والمخرجات، وأن نظامي الثانوية العامة والبكالوريا كلاهما يُؤهل للحصول على شهادة معادلة لدخول الجامعات، ولا يوجد أي تمييز بينهما، والاختيار متروك للطالب وولي أمره.
ودعا إلى ضرورة العمل على توفير كافة المتطلبات الفنية والبشرية لتطبيق النظام الجديد، بما يضمن نجاح التجربة وتوسيع خيارات الطلاب دون الإضرار بالنظام القائم. وأشار إلى أن التعديلات المقترحة تأتي في إطار تنفيذ استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، والتي تُعلي من شأن التعليم بوصفه قاطرة التنمية وبناء الإنسان المصري.
وأوضح هاشم أن مشروع القانون يُعزز التزام الدولة بنصوص الدستور المتعلقة بالتعليم، وعلى رأسها المواد 19 و20 و22 و24، التي تؤكد على إتاحة التعليم بجودة عالمية، وتشجيع التعليم الفني، وضمان حقوق المعلمين، وجعل اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطني مواد أساسية في مراحل التعليم قبل الجامعي.
كما أشار إلى أن التعديل يعالج الخلل في جودة مخرجات التعليم، ويركز على تطوير المرحلة الثانوية، ولا سيما نظام الثانوية العامة، الذي ظل ساريًا منذ ما يقرب من 30 عامًا دون تعديل جوهري، في ظل تغيرات هائلة تشهدها نظم التعليم الحديثة على مستوى العالم. هذا القانون يمثل خطوة هامة نحو تطوير التعليم في مصر ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال.