في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح علماء صينيون في زراعة قلب بشري نابض في جنين خنزير، حيث استمر القلب في النبض لمدة 21 يوماً دون أي تدخل خارجي. هذه الدراسة الرائدة، التي قادها فريق لاي ليانغشيو من معاهد قوانغتشو للطب الحيوي والصحة التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، تم الإعلان عنها خلال الاجتماع السنوي للجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية في هونغ كونغ في منتصف شهر يونيو الماضي. هذا الاختراق العلمي يفتح آفاقاً جديدة في مجال زراعة الأعضاء، ويقدم أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء ويحتاجون إلى عمليات زراعة لإنقاذ حياتهم.
تفاصيل التجربة الرائدة
الفريق الصيني سبق له تحقيق نجاحات مماثلة، حيث قام بزراعة كلى بشرية في خنازير استمرت لمدة تصل إلى 28 يوماً. ووفقاً لتقرير نُشر في مجلة "نيتشر" في 13 يونيو، قام الفريق بإعادة برمجة الخلايا الجذعية البشرية عن طريق إدخال جينات تمنع موت الخلايا وتحسن بقائها في الخنازير. هذه التقنية المبتكرة سمحت للخلايا البشرية بالاندماج بشكل أفضل مع بيئة الخنزير، مما زاد من فرص نجاح عملية الزرع. في مرحلة "الكيسة الأريمية المبكرة" في بداية الحمل، قام العلماء بزراعة خلايا جذعية بشرية معدلة مسبقاً في أجنة خنازير، ثم نُقلت هذه الأجنة إلى إناث بديلة.
ملاحظات واعدة وقيود حالية
لاحظ الباحثون أن القلوب الجنينية نمت إلى حجم مماثل لحجم الإنسان في نفس مرحلة النمو، أي بحجم طرف الإصبع، وكانت لا تزال تنبض. باستخدام مؤشرات حيوية مضيئة مُعَلَّمة مسبقاً، تمكن الباحثون من رصد ضوء من الخلايا البشرية يتزامن مع نبض قلب الجنين. ومع ذلك، لم تعش الأجنة سوى 21 يوماً، وأشار لاي إلى أن الخلايا البشرية قد تُعطّل وظيفة قلب الخنزير. هذا يشير إلى أن هناك تحديات كبيرة لا تزال قائمة، وأن هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لتحسين عملية الزرع وزيادة مدة بقاء الأعضاء البشرية في الخنازير.
مستقبل زراعة الأعضاء
في سبتمبر 2023، أنتج فريق لاي كلى بشرية مبكرة في أجنة خنازير تحتوي على 70% من الخلايا البشرية، في دراسة نُشرت في مجلة Cell Stem Cell. هذه التقنية يمكن أن تحدث ثورة في زراعة الأعضاء، ولكن تطوير التطبيقات السريرية قد يستغرق سنوات. هذه الأبحاث تمثل خطوة هامة نحو تحقيق هدف زراعة الأعضاء البشرية في الحيوانات، مما قد يحل مشكلة نقص الأعضاء المتاحة للزراعة. ومع ذلك، هناك أيضاً مخاوف أخلاقية وقانونية يجب معالجتها قبل أن تصبح هذه التقنية متاحة على نطاق واسع.
نجاحات أخرى في دمج الخلايا البشرية
في المؤتمر نفسه، أعلن فريق بحثي بقيادة شين شيلينغ، من مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس، عن نجاحه في دمج خلايا بشرية في أمعاء وأكباد وحتى أدمغة أجنة فئران. هذه النتائج تؤكد على الإمكانات الهائلة لدمج الخلايا البشرية في الحيوانات، وتفتح الباب أمام تطوير نماذج حيوانية لدراسة الأمراض البشرية واختبار العلاجات الجديدة. على الرغم من التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة، فإن هذه الأبحاث تمثل تقدماً كبيراً نحو تحقيق هدف زراعة الأعضاء البشرية في الحيوانات، وتقديم حلول مبتكرة للمشاكل الصحية التي تواجه البشرية.